يف بونفوا شاب درس الرياضيات، ثم تركها إلى الفلسفة، دون أن ينقطع عن الانشغال بتاريخ العلوم، اقترب من السرياليين وسرعان ما ابتعد عنهم: كان يرفض استسلامهم لسيادة الشكل على النص، ففي رؤياه أنه على الكلمات أن تحافظ على دلالتها الأرضية التي بدونها لا وجود لعلاقة حقيقية بالعلم....
يف بونفوا شاب درس الرياضيات، ثم تركها إلى الفلسفة، دون أن ينقطع عن الانشغال بتاريخ العلوم، اقترب من السرياليين وسرعان ما ابتعد عنهم: كان يرفض استسلامهم لسيادة الشكل على النص، ففي رؤياه أنه على الكلمات أن تحافظ على دلالتها الأرضية التي بدونها لا وجود لعلاقة حقيقية بالعلم. لأن الوقت –أيام ما بعد الحرب العالمية الثانية- ما عاد يحتمل الهروب إلى الخيال أو اللعب على الكلمات. ولقد نال ديوانه الأول في حركية دوف وفي ثباتها /ودوف هي الأرض/ من الحضور حيزاً حين صدوره /1953/ ما جعل النقاد يعتمدونه مع جملة أعمال أخرى لبونج وبريفير، وغولفيك، إحدى البشائر لإعلان عن ولادة واقعية جديدة يحاول أصحابها، كل على طريقته تجديد العلاقة بين الشعر والعالم.
غير أنه لا يمكننا الحديث بخصوص شعر بونفوا عن واقعية خالصة، يقول بعضهم، لأنه يحاول أن يتجاوز الظواهر إلى إبداع الصورة عنها، وأن يفكك رموز العالم أو على الأقل هو يطمح إلى ذلك: الحقيقة والصورة تندمجان دون تعارض في شعريته. إنه يوكل إلى الشعر مهمة إدراك الحقيقة بطريقة على تمام المغايرة لتلك التي تنتسب إلى الفلسفة والعلم. هذه الغاية المعرفية تفضي إلى رفض تعالي الصورة... إنه يكتب القصيدة كطريق وسط بين الحلم والواقع...".