"ألف ليلة وليلة" كتاب قيّم وفريد، وليس له مثيل في أدبنا العربي قديمه وحديثه. مؤلفه الحقيقي مجهول الاسم، وعصر تأليفه أيضاً مجهول. ضمّ حكايات دارت حول مواضيع مختلفة، كان همّ المؤلف في أغلبها إصلاح الملوك والوزراء لأنه بصلاح الملك والحاكم تصلح الرعية، لذلك كانت شخصيات أكثر...
"ألف ليلة وليلة" كتاب قيّم وفريد، وليس له مثيل في أدبنا العربي قديمه وحديثه. مؤلفه الحقيقي مجهول الاسم، وعصر تأليفه أيضاً مجهول. ضمّ حكايات دارت حول مواضيع مختلفة، كان همّ المؤلف في أغلبها إصلاح الملوك والوزراء لأنه بصلاح الملك والحاكم تصلح الرعية، لذلك كانت شخصيات أكثر حكاياته عن الملوك وأبنائهم، وخاصة من بينهم الملوك الذين خسروا ممالكهم بسبب فساد رأيهم واغترارهم بما ملكوا من أموال ورعايا وسرعان ما يجدون أنفسهم وقد خسروا كل شيء.
وبالإضافة إلى هؤلاء الملوك نجد المؤلف يخالط الناس في الأسواق فيصوّر حالة التجار المحظوظين، الأغنياء من بينهم، أو المفلسين الذين أفلسوا إما بسبب وقوعهم في هوى جارية أو بسبب اغترارهم بأنفسهم. وقد حظيت المرأة بحصة الأسد بين جميع شخصيات حكايات هذه الليالي.
ويقال أن ابن المقفع قد قام بترجمة من اللغة الهندية اقتفاء لكل ما هو مسل ومفيد وإن الغاية من ورائه كانت الإشارة بأسلوب رمزي غلى أوضاع الملك ومساوئه وحسناته وبشكل يجنب صاحبه بطش الملك وغضبه، فشاع أمر هذا الكتاب وانتشر كما لم يحدث مع أي كتاب قصصي آخر، وإن شئنا تصنيفه كما اصطلح على ذلك دارسوا الأدب في عصرنا، فهو يندرج تحت مقولة الأدب الرمزي.
وبالنظر لما يقدمه هذا الكتاب من معلومات غنية وقصص غريبة وحكايات ونوادر فكاهية ولطائف وطرائف أدبية، فقد سحر الكتاب عقول القراء وتحيرت فيهم الألباب وهو في نظرنا كتاب قيم فريد. فمؤلفه الحقيق علامة ومصلح اجتماعي كبير. وهو حافظ للأشعار وكان يختار منها أجودها وما كان معناه موافقاً مع موضوع القصة أو الحكاية أو نادرة من النوادر التي يغلب عليها في الظاهر سمة الهزل والإضحاك قاصداً بذلك التهذيب والإصلاح.