عني المسلمون بدراسة المذاهب والأديان لفهمها والرد على أصحابها. وصنفوا في ذلك كتباً كثيرة منها ما هو خاص بطائفة من الطوائف، مثل كتاب "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" للبيروني. ومنها ما هو عام يحيط بجميع الملل والمذاهب المعروفة، ككتاب "مقالات الإسلاميين...
عني المسلمون بدراسة المذاهب والأديان لفهمها والرد على أصحابها. وصنفوا في ذلك كتباً كثيرة منها ما هو خاص بطائفة من الطوائف، مثل كتاب "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" للبيروني. ومنها ما هو عام يحيط بجميع الملل والمذاهب المعروفة، ككتاب "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين" لأبي الحسن الأشعري.
وهذا كتاب "الملل والنحل" لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، مقدمه للقراء بحلة جديدة تغريهم بقراءته، والتبحر في ما يشتمل عليه من مقالات أصحاب المذاهب والفرق والأديان التي عرفت في عصر المؤلف.
وبلغ من أهمية هذا الكتاب أن ترجم إلى اللغة الفارسية والتركية والألمانية، وطبع مرات عدة في أوروبا وفارس والهند وتركيا ومصر، وقد صدره المؤلف بمقدمات خمس حدد فيها أقسام أهل العالم جملة، وعين قانوناً يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية، وأشار إلى أول شبهة وقعت في الخليقة، وأول شبهة وقعت في الملة الإسلامية، وبين السبب الذي أوجب ترتيب كتابه على طريق الحساب.
وأوجب الشهرستاني على نفسه أن يورد مذهب كل فرقة على ما وجده في كتبها، من غير تعصب لها، ولا كسر عليها، ومن دون أن يبين صحيحها من فاسدها، أو يعين حقها من باطلها.
وبالنظر لأهمية هذا الكتاب فقد اعتنى "صلاح الدين الهواري" بتحقيقه حيث قام بتصدير الكتاب بمقدمة اشتملت على حياة المؤلف الشهرستاني وآثاره ومنزلته، وآراء النقاد فيه، كما اهتم بشرح بعض المفردات التي تساعد القارئ على فهم ما يستعصى فهمه من مسائل فلسفية، من ثم وضع بعض التراجم الموجزة لعدد من الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب، وضبط بعض الألفاظ المشتبهة، وأسماء الأعلام الواردة في الكتاب دفعاً للغموض واللبس، وأخيراً قام بتوثيق الآيات القرآنية الواردة في الكتاب وفقاً لورودها في القرآن الكريم.