سؤال يتوارد على ذهن الإنسان المسلم فيقول: "لِمَ خلق الله الإنسان في هذه الحياة الدنيا؟!" وسرعان ما يتذكر قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فغاية الخلق هي عبادة الخالق سبحانه، وليس معنى ذلك أن الإنسان يعبد ولا يعمل! بل إن عليه أن يعبد كأنه يموت غداً، وأن يعمل كأنه...
سؤال يتوارد على ذهن الإنسان المسلم فيقول: "لِمَ خلق الله الإنسان في هذه الحياة الدنيا؟!" وسرعان ما يتذكر قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فغاية الخلق هي عبادة الخالق سبحانه، وليس معنى ذلك أن الإنسان يعبد ولا يعمل! بل إن عليه أن يعبد كأنه يموت غداً، وأن يعمل كأنه يعيش أبداً، فيتعلم العلوم، ويخترع المخترعات، ويعمر الأرض، وأن يأكل من طيبات ما رزقه الله. وفي هذا يشبه الإنسان المسافر الذي سيترك بلاداً غريبة ليستقر في بلاده، فليعمل المسلم لآخرته كما يعمل لدنياه، بل وليكون أشدّ حرصاً واتقاناً في عمله الذي يعدّه لآخرته حيث هناك الخلود وليضع نصب عينيه على أن مغريات الحياة الدنيا كثيرة كثيرة، وزلاتها بالتالي خطيرة تؤدي به إلى خسران الآخرة. كما أن الوقوف دونها، والإمعان في عدم الانزلاق في زلاتها يؤديان به إلى الفوز بنعيم الآخرة. وحول هذا الموضوع تحدث السلف وألفوا فيه. من هنا يأتي هذا الكتاب الذي ضم بين دفتيه أحاديث الأولين في الحشر والجنة والنار. وقد استقى المؤلف ما جمعه من أخبار من المصادر التاريخية، وأما ما جاء عن الجنة والنار، والصراط وغيرها، فقد استقاه من التفاسير المعروفة، والمجمع على صحتها، كتفسير الطبري، وابن كثير، والطبرسي، كذلك من بعض الكتب التي تناولت الجنة والنار مثل كتاب "التخويف من النار" لابن رجب الحنبلي، و"اليوم الآخر" لعبد الرحمن الرحباوي، وهي من الكتب التي استقت ما جاء فيها من هذه التفاسير، ولا يخرج عن ذلك إلا بعض التصورات التي تربط تلك الأخبار والأوصاف ببعضها. وعلى القارئ على اختلاف اتجاهاته وأفكاره، النظر فيما جاء في هذا الكتاب، فيكون له في ذلك تذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين.