اختتم الفارابي كتابه هذا الذي بين أيدينا بفقرة قال فيها:"...والفلسفة التي هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين، عن أفلاطون وعن أرسطو طاليس. وليس واحد منهما أعطانا الفلسفة دون أن أعطانا مع ذلك الطرق إليها والطرق إلى إنشائها، متى اختلت أو بادت. ونحن نبتدئ أولاً بذكر فلسفة...
اختتم الفارابي كتابه هذا الذي بين أيدينا بفقرة قال فيها:"...والفلسفة التي هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين، عن أفلاطون وعن أرسطو طاليس. وليس واحد منهما أعطانا الفلسفة دون أن أعطانا مع ذلك الطرق إليها والطرق إلى إنشائها، متى اختلت أو بادت. ونحن نبتدئ أولاً بذكر فلسفة أفلاطون، ثم نرتب شيئاً شيئاً من فلسفة حتى نأتي على آخرها، ونفعل مثل ذلك من الفلسفة التي أعطاناها أرسطو طاليس، فبتدئ من أول أجزاء فلسفته، فنبين من ذلك أن غرضهما بما أعطياه غرض واحد، وإنهما التمسا إعطاء فلسفة واحدة بعينها، فلسفة أفلاطون وأجزاؤها ومراتب أجزائها من أولها إلى آخرها".
بهذه الفقرة قلنا اختتم الفارابي الفصل الأخير من الكتاب، وكان في هذا الفصل قد تحدث عن علم الفلسفة وكيف نشأت وتطورت وانتهت إلى الحرب من اليونانيين عبر السريان، وقد عالج علم الفلسفة بعد معالجة العلوم الأخرى من تعاليم وطبيعيات ومدنيات في الفصول السابقة من هذا الكتاب.
فموضوع الكتاب إذاً التعريف بتلك العلوم وتعداد أقسامها والتنبيه إلى أهميتها وكيفية تحصيلها وليس موضوعه السعادة كما يوحى العنوان الذي وضع له. ونستطيع هنا أن نقول أن هذا الكتاب ليس كتاباً قائماً بذاته وإنما هو مقدمة لكتاب ألقاه الفارابي للتوفيق بين فلسفتي أفلاطون وأرسطو في الفصل الأول تحدث الفارابي عن العلوم النظرية التي يدعوها الفضائل النظرية.
وفي الفصل الثاني تحدث عن الفضائل الخلقية، ويعني الأعمال التي تصدر عن الإنسان، وتكلم في الفصل الثالث على القوة الفكرية، وفي الفصل الرابع قارن بين الفضائل المختلفة وعلاقاتها وأهميتها، وانتقل إلى موضوع التعليم والتأديب في الفصل الخامس، أما في الفصل السادس والأخير فخصصه للكلام على الفلسفة التي يعتبرها أول العلوم وأكملها، وتمتاز عنها بحسب قوله بأنها معرفة معقولة برهانية يقينية بينما العلوم الأخرى معرفة إقناعية أو تخيلية.