لم يحط حرف من حروف العربية بمثل العناية التي أحيط بها حرف الهمزة، فلقد تناولته الدراسات الصرفية والنحوية والبلاغية والإملائية والصوتية والألسنية في القديم والحديث حتى تضاربت فيه الآراء، واختلفت حوله المواقف. وتضرب جذور الخلاف في عمق التاريخ حتى تبلغ العصر الجاهلي، ويتأصل...
لم يحط حرف من حروف العربية بمثل العناية التي أحيط بها حرف الهمزة، فلقد تناولته الدراسات الصرفية والنحوية والبلاغية والإملائية والصوتية والألسنية في القديم والحديث حتى تضاربت فيه الآراء، واختلفت حوله المواقف. وتضرب جذور الخلاف في عمق التاريخ حتى تبلغ العصر الجاهلي، ويتأصل هذا الخلاف ويتفرع، ويقنن في ما بعد في القراءات القراءات القرآنية، وتكتب فيه الرسائل، والمصنفات.
وتعيد الدراسات الصرفية الحديثة النظر في الموروث الحضاري فتبدأ أن بعض ما قيل في الهمز صحيح، وبعضه الآخر يتعارض مع القواعد الصوتية، فتظهر نظريات جديدة تعدّل في المواقف القديمة أو تدحضها وتنفيها في بعض الأحيان. وتثار قضايا في الحديث حول رسم الهمزة، وتطرح اقتراحات تهدف إلى توحيد القواعد في رسمها، قواعد تفضي على الفوضى وتضع حداً لبلبلة والاجتهاد الشخصي.
وتتدخل الهيئات اللغوية العليا من مجامع ومؤسسات أخرى فتدلي بدلوها وتصدر القرارات ويبقى الإشكال قائماً؟ إذا قضية الهمزة ليست ثانوية في لغتنا ولا هي سقط المتاع إنها قضية تستأهل البحث الأكاديمي، وتستحق وقفة متأملة تهدف إلى قطع دابر الفوضى، وتجمع شتات الأفكار وتغربلها وتنقدها ليستخرج منها ما يخدم اللغة في حاضرها وغيرها.
هذه القضية استوقفت مراراً الباحثة "خالدية محمود البياع" حيث كانت تتساءل في نفسها: هل تصلح الهمزة موضوعاً لرسالة؟ وبعد بحث وتنقيب تبين لها أن هذا الموضوع شائك لكن البحث فيه ممتع، لذلك قامت بوضع رسالتها التي بين يدينا والتي اتبعت في إعدادها نهجاً واضحاً هو نهج الاستقراء الكامل لوجوه قضية الهمزة في اللغة العربية.
في الباب الأول والذي اعتبرته نواه بحثها أدرجت سبعة فصول تحدثت فيها عن الهمزة مع حرف المدّ واللين، الهمزتان المجتمعتان في كلم’، الهمزتان المجتمعتان في كلمتين، الهمزة المفردة، نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، السكت على الساكن بعد الهمز، الوقف على الهمز.
وفي الباب الثاني تحدثت عن مخرج الهمزة عند القدامى والمحدثين، حيث تناولت أربع موضوعات في هذا المجال، الهمزة في الدراسات القديمة، المدرّج الصوتي عند الخليل وتقسيمه للأبجدية الصوتية، تعريف العلماء القدامى وآراؤهم، مراحل تكوين الهمزة.
أما الباب الثالث فخصصه لموضوع الهمزة في الصرف، مواضع زيادة الهمزة، حذف الهمزة، الإبدال. وخصصت أيضاً الباب الرابع لمسألة الهمزة في النحو، أحكامها، خروج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي، مواقع الهمزة في غير الاستفهام، همزة الوصل، الأسماء المختلة، همزة القطع. وأخيراً تناولت في الباب الخامس موضوع الهمزة في الإملاء، الهمزة الابتدائية الهمزة المتوسطة، الهمزة المتطرقة.