يعد الإمام السيوطي مصنف هذا الكتاب من جهابذة علماء الشريعة الإسلامية، فقد كان من القلة الذين لم يتركوا علماً من علوم الدين والعربية إلا وتركوا لنا فيه مؤلفاً جديداً بالقراءة والاقتناء والدراسة العميقة ومن يقرأ له كتاباً في أي موضوع كتب فيه يعتقد انه متفوّق في العلوم...
يعد الإمام السيوطي مصنف هذا الكتاب من جهابذة علماء الشريعة الإسلامية، فقد كان من القلة الذين لم يتركوا علماً من علوم الدين والعربية إلا وتركوا لنا فيه مؤلفاً جديداً بالقراءة والاقتناء والدراسة العميقة ومن يقرأ له كتاباً في أي موضوع كتب فيه يعتقد انه متفوّق في العلوم جميعاً، حتى ليصعب على الموقف أن يعين العلم الذي تميز به، لأنه بلغ القمة فيها جميعاً. لقد عدّ لنا متتبعو مؤلفات السيوطي نيفاً ومئة كتاب في مختلف الموضوعات وأغلبها في العلوم الإسلامية، وفي العلوم القرآنية، ومن أشهر هذه المصنفات كتاب "الإتقان في علوم القرآن" وهو الذي نقلب صفحاته، والذي يذكر فيه ما وصل إلى علمه من مسائل علوم القرآن، وجعله مقدمة للتفسير الكبير، وضمنه العديد من القواعد والشوارد وفيه استعرض جميع ما كان في عصره من مؤلفات في علوم القرآن الكريم ملخصاً ما فيها تلخيصاً لا إحلال فيه، فما رأى فيها من بديع الفكرة إلا قطفه.
وما رأى فيها من خطأ إلا قومه، ثم أنه يقارن بين الآراء المختلفة في الموضوع الواحد، فيرجح ما رآه يستحق الترجيح. وفوق ذلك فقد أضاف أشياء مبتكرة عن فكره وفهمه تشهد له بسعة الفهم وعمقه، وقد وصل إلى أمور لم يتوصل إليها من سبقوه. والمؤلف في كل موضوع من موضوعات الكتاب تراه يذكر الكتب التي نقل عنها. وهي لو جمعت الآن لملأت خزائن كثيرة. وان كثيراً من هذه الكتب لا نعرفها اليوم ولم تصل إلينا، فهو في كتابه هذا قد حفظ أثمن ما فيها وإن لم يحفظها كلها، لقد نقل إلينا زبدة القول فيها، وهذا أمر بالغ الأهمية.
والكتاب يدل من عنوانه على ما في حقيقته، حيث أن الإمام السيوطي كان قد ضمنه ما وصل إلى علمه من مسائل علوم القرآن وجعله مقدمة للتفسير الكبير وضمنه العديد من القواعد والشوارد وحصر مضمونه في أمور عدة جاءت على النحو التالي: الأمر الأول مواطن النزول وأوقاته ووقائعه وفي ذلك أثنا عشر نوعاً: المكي والمدني والسفري، الحضري، الليلي، النهاري، الصيفي... أسباب النزول، وأدل ما نزل، وآخر ما نزل.
الأمر الثاني: السنو وهو سنة أنواع المتواتر، الآحاد، الشاذ، قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، الرواة، الحفاظ. الأمر الثالث وهو سنة أنواع: الوقف، الابتداء، الإحالة، المد، تخفيف، الهمزة، الإدغام، الألفاظ وهو سبعة أنواع: الغريب، المعرب، المجاز، المشترك، المترادف، الاستعارة، التشبيه.
الأمر الخامس: المعاني المتعلقة بالأحكام، وهو أربعة عشر نوعاً: العام الباقي على علومه، العام المخصوص، العام الذي أريد به الخصوص، ما خص فيه الكتاب السنة، ما خصصت فيه السنة الكتاب، المجمل، المبين، المؤول، المفهوم، المطلق، المفيد الناسخ والمنسوخ. نوع من الناسخ والمنسوخ، وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين.
الأمر السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ وهو خمسة أنواع: الفصل، الوصل، الإيجاز، الأطناب، القصر. وبذلك تكملت الأنواع الخمسين. ومن النواع ما لا يدخل تحت الحصر: الأسماء، الكنى، الألقاب، المبهمات. هذا ليس كل شيء في هذه الطبعة حيث أنها تضم أيضاً كتاب "إعجاز القرآن" للقاضي أبي الباقلاني، حيث يرد فيه المصنف على من أفكر الإعجاز مبيناً مواضع ذلك الإعجاز مضيفاً ما يجب وصفه من القول في تنزيل متصرفات الخطاب، ترتيب وجوه الكلام، وما تختلف فيه طرق البلاغة وتتفاوت من جهته سبل البراعة، وما يشتبه له ظاهر الفصاحة.