يعتبر الفيلسوف الإنجليزي "برتراند رسل" في طليعة الفلاسفة المعاصرين، الذين قدموا للبشرية جمعاء منطلقات عقلانية فاعلة في الأفكار الإنسانية الناهدة إلى تحليل الوجود والموجودات، وفق أسس عرفانية، ومدركات رياضية، مبنية على ركائز تحليلية منطقية لكافة الرموز والإشارات العلمية...
يعتبر الفيلسوف الإنجليزي "برتراند رسل" في طليعة الفلاسفة المعاصرين، الذين قدموا للبشرية جمعاء منطلقات عقلانية فاعلة في الأفكار الإنسانية الناهدة إلى تحليل الوجود والموجودات، وفق أسس عرفانية، ومدركات رياضية، مبنية على ركائز تحليلية منطقية لكافة الرموز والإشارات العلمية واللغوية، وبذلك أوجد مذهب فلسفي إيجابي في الطبيعة وفي الإنسان.
ويبدو أن "برتراند رسل" لم يكن من أتباع مذهب "الوضعية المنطقية" كونه في مطلع حياته الفلسفية اعتمد على تحليل المدركات العلمية وخاصة المدركات الرياضية، كالعدد واللانهاية، والتفت إلى التحليلات المنطقية للعبارات العلمية، باعتبارها المجال الحقيقي للفلسفة والفلاسفة، ويمكن اعتبار "رسل" في ضوء أفكاره التي جسدها صراحة في كتاباته صاحب مذهب إيجابي في الطبيعة وفي الإنسان، مما يتناقض مع مذهب "الوضعية المنطقية" بمفهومه الدقيق.
ومما لا شك فيه بأن "رسل" شاء أن يجعل الفلسفة علمية المنهج، بحيث تبتعد عما تعودته من تأملات وخيالات لا تتفق مع الواقع والحقيقة العرفانية المبنية وفق أسس حقانية عقلانية تسمو بالحقيقة إلى الكمال والمثالية. ولم يقف نشاط رسل الفلسفي عند هذا الحد بل وقف أفكاره ونظرياته في سبيل الإنسان وحريته الاجتماعية والسياسية وإنقاذه من طغيان التقاليد وظلم الحكومات، كون النظم السياسية والاجتماعية الموجودة في كافة أنحاء العالم -على اختلاف العصور- ليست سوى مؤامرة طاغية يقصد من ورائها الحد من حرية الفرد وتكبيله بالقيود، وشحن ممتلكاته العقلية، ومشاعره وأحاسيسه، بكل ما يحد من انطلاقاته وحريته.
عن هذا الفيلسوف يتحدث الكتاب الذي بين يدينا مقدماً سيرته كما رواها بنفسه ومستعرضا بعض أفكاره الفلسفية التي عالج فيها "أصول الرياضة" و"أسس الرياضة" و"علما بالعالم الخارجي" و"تحليل العقل" و"تحليل المادة" وبعض ما كتبه في الاجتماع، والسياسية والتربية.