ومن المشاكل التي عالجها هذا الكتاب بالإضافة إلى ماهية الإمامة في الإسلام، مشكلة التشيع ومتى بدأ؟ وهل هو وليدة الخلاف الذي ذر قرنه بين المسلمين عقب إنتقال النبي؟ أم انه رافق الرسالة منذ إنبثاقها؟ أم بتأثير بعض العناصر اليهودية والفارسية؟...
ومن الطبيعي أن يتعرض لفرية ابن سبأ وما لف تلك الفرية من خرافات وأساطير تدل على سذاجة مطلقيها والقائلين فيها.
ولم يغفل الكتاب هذا الحديث عن العصمة وما يدور حولها من آراء وأفكار، مدعومة بالحجج والبراهين المقنعة، والأدلة الثابتة المستقاة من احاديث وأقوال الأئمة من آل البيت، وبعد أن أدلى بدلوه في كل هذه الأمور العقائدية عند أهل الشيعة، تلفتت إلى بعض الفلاسفة واستعرض مجملاً من أفكارهم الفلسفية المتعلقة بالإمامة، وخاصة آراء ابن سينا في إثبات النبوات، وما يقوله جماعة أهل الحق من الفلاسفة والفقهاء، في الإمامة، والهداية، بإعتبارهما ركناً أساسياً من أركان عقائدهم الحقانية العرفانية.

وبواسطة هذه الآراء العقلانية تمكن من تكوين صورة واضحة عن ماهية الإمامة، والعصمة، في مفهوم كافة الفرق الإسلامية، التي تكون وتأسست بعد وفاة الرسول صلى الله علي وآله وسلم.

ولما كانت المواضيع التي عالجها هذا الكتاب على درجة كبيرة من الأهمية، فقد رأى أن يقدم رسالة مخطوطة لم تنشر من قبل في الإمامة، كتبها الداعي الحقاني أبو الفوارس منذ ألف عام تتميماً للفائدة، وإظهاراً للحقيقة الكامنة وراء سجف الغيب والخيال.

ولما كانت فكرة قائم القيامة، أو المهدي المنتظر، تحتل مكان الصدارة بالنسبة لكافة أبناء الإنسانية، لما ينتظرونه على يديه من خلاص للأجساد والأرواح معاً، مما تعانيه من ويلات وظلم وإستبداد، فقد أفرد لها الجزء الأكبر والأوسع من هذا الكتاب، فاعتمد على آراء الشيعة وجماعة أهل الحق، بالإضافة إلى بعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وما روي عن الأئمة الأطهار من أهل البيت عليهم السلام.

ومن البديهي، بعد أن استعرض الأفكار الشيعية المتعلقة بالإمام المهدي المنتظر أن يلجأ إلى مصنفات أهل الحق لنتعرف على منطلقاتهم العقلانية، ونظراتهم العرفانية، التي تدور في فلك قائم القيامة المنتظر الذي سيكون سابع السبعاء، وخاتم الأدوار الصغيرة، ومتم الكور، وجامع الصور الروحانية في عالم الإبداع.

هذه هي المواضيع التي عالج هذا الكتاب في ضوء العقل والمنطق الحقاني السليم، وقد حرص بقدر الطاقة على إتباع المنهج العلمي العرفاني، مبتعداً عن الأفكار السقيمة، والعقائد الممجوجة، التي لا تتفق والتفكير العقلاني السليم، وانتقى من الأحاديث، والروايات، والأقوال، ما يشتم منه نفحة الصدق والإيمان، رغم خطورة المواضيع التي خضنا غمارها، وأظهر خفاياها.