يقول المحقق في مقدمة كتاب الرشاد: أنه على الرغم من كل ما أحاط عملية كتابة التاريخ من كذب وتزوير وقهر وتذليل، فإن هذا لم يمنع من أن يعمد البعض إلى اعتماد المنهج العلمي الرصين في كتابة التاريخ، وأن ترث منهم الأجيال اللاحقة صفحات بيضاء ناصعة لا تشوبها أدران التعصب والا التحزب".
ولعل كتاب "الإرشاد" للشيخ الكعبري نموذج حي في رسم صورة التعامل العلمي والصحيح مع التاريخ واعتماد المنهج العقائدي الذي اختطه لأمته رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا غرابة في ذلك فالشيخ المفيد يعد باتفاق الموالف والمحالف شيخ أساتذة الكلام، وصاحب الآراء المجددة، كما أنه يعدّ من أوائل الذين لم يتوقفوا على حرفية النصوص والأحاديث، بل الاعتماد على منطق الفكر المجرد والحر المتبني على عقائد رصينة وقوية.

وفي هذا الكتاب يثبت المصنف أسماء الأئمة عليهم السلام وتاريخ أعمارهم ذاكراً مشاهدهم، وأسماء أولادهم، وطرف من أخبارهم المفيدة لعلم أحوالهم وذلك ليظهر للقارئ الفرق ما بين الدعاوى والاعتقادات فيهم، فيميز بنظرة فيه ما بين الشبهات منه والبينات. ونظراً لما يتمتع به كتاب "الارشاد في معرفة حجج الله على العباد" من أهمية كبيرة فقد حرص المحقق على تقديم هذا الكتاب محققاً وتجلى عمله بتخريج الآيات والأحاديث، وضبط النصوص، وشرح المفردات اللغوية.