لم يكن العلماء - في واقع الأمر - غافلين عن مادة التشريع الإسلامي وهم يمارسون الدراسة والتدريس، إلا أن تعاطيهم مع تلك المادة كان لا يعدو الطرح المعرفي الذي ينقصه الضبط والتأجيل...لذلك، فإن طرح مادة التشريع الإسلامي طرحاً علمياً يمكن أن يقرر في كتاب منهجي للدراسة أو التدريس،...

لم يكن العلماء - في واقع الأمر - غافلين عن مادة التشريع الإسلامي وهم يمارسون الدراسة والتدريس، إلا أن تعاطيهم مع تلك المادة كان لا يعدو الطرح المعرفي الذي ينقصه الضبط والتأجيل...
لذلك، فإن طرح مادة التشريع الإسلامي طرحاً علمياً يمكن أن يقرر في كتاب منهجي للدراسة أو التدريس، لمّما يحتاجه طلاب الفقه، ولا سيما في بدايات تجربتهم العلمية مع الكتاب الفقهي المباشر.

من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب المنهجي في تاريخ التشريع الإسلامي التي تعتبر تجربة رائدة حيث غدا هذا الكتاب من مقررات الدرس الأساسية لطلاب الفقه في كثير من الجامعات الإسلامية والحوزات العلمية، وهو بهذا يلبي الحاجة التي تتكامل مع كتابه (أصول البحث) الذي يعالج طرائق البحث في علم الفقه وأصوله، ومع كتابه (أصول تحقيق التراث) الذي يزود الباحث بالخبرة التي يحتاجها للتعامل مع الكتاب المخطوط تحقيقاً ودراسة.

وبإضافته إلى مقدمات الدرس الشرعي هذه المواد الثلاث، يكمل المؤلف الدكتور العلامة عبد الهادي الفضلي لطلاب العلوم الدينية عدتهم اللازمة في سلوك الدرب الموصلة إلى التمكن من البحث والتحقيق حتى بلوغ مرتبة الإجتهاد.

وتجدر الإشارة إلى أن ميزة كتابة العلامة الفضلي في أن ما يكتبه يعكس تجربته الفقهية الأصلية في صدروهما عن فقيه جمع إلى الفقاهة وإرثها الواسع العميق؛ الخبرة الأكاديمية الطويلة في الدراسة والتدريس والبحث، وفي وضع الخطط والبرامج التربوية والعلمية، وفي تأليف المناهج الدراسية التي تستجيب لتلك الخطط والبرامج بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف المناطة بها.

وبالعودة، فإن العلامة يأخذ الطالب والباحث في كتابه هذا في جولة تاريخية تحليلية حول التشريع الإسلامي لتكون مدخلاً لتكوين تصدر عام وشمولي للتشريع الإسلامي وفقهه، منذ عصر النص وتداعيات التعامل معه وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام حتى عصور تكون المدارس الفقهية ومراكزها التي رصدها مكانياً في: الحجاز: المدينة المنورة، العراق: الكوفة، بغداد، النجف، الحلة، كربلاء، إيران: قم: الري، أصفهان، الشام: حلب، دمشق، طرابلس، جبل عامل.

هذا وقد كان للنجف الأشرف من ذلك الرصيد المكاني تعاقب زماني تجلى في مراحله الثلاث مع طول صحبة مع الدرس تمتد حتى اليوم، وما تخلل ذلك من تسليط الأضواء على مناهج ضمن تلك المراكز كظهور الحركة الإخبارية.

ومن ناحية ثانية، فقد رأى المؤلف الإختصار على تاريخ الفقه الإسلامي الأمامي، إلا فيما رآه ضرورياً من ناحية منهجية أن يشار إليه من تاريخ الفقه الإسلامي للمذاهب الإسلامية الأخرى - وذلك لأن تاريخ الفقه الأمامي - فيما وقف عليه - يشكل الحلقة المفقودة في تاريخ التشريع الإسلامي.