يحتل العرفان مساحة كبيرة من التراث الديني والفكر الإسلاميين، كما يشغل مساحة مهمة من التاريخ الإسلامي، حيث شكل عاملاً فاعلاً في خلق حراك روحي ثقافي ممتاز، بلغ مجال السياسة وإدارة الحكم، ولم ينحصر العرفان في دين بعينه، وإنما امتد ليشمل الأديان جميعها بما فيها الأديان...
يحتل العرفان مساحة كبيرة من التراث الديني والفكر الإسلاميين، كما يشغل مساحة مهمة من التاريخ الإسلامي، حيث شكل عاملاً فاعلاً في خلق حراك روحي ثقافي ممتاز، بلغ مجال السياسة وإدارة الحكم، ولم ينحصر العرفان في دين بعينه، وإنما امتد ليشمل الأديان جميعها بما فيها الأديان الوضعية، وهو ما يفسح في المجال، إلى حدّ كبير، لرؤية صورة كبيرة للظاهرة العرفانية على امتداد حياة الإنسان والأديان جميعها. وتؤدي مقارنة أجزاء هذه الصورة للعرفان التي تتوزع على الأديان والملل كافة، إلى تشكيل تصور مهم عن الخطوط المشتركة بين أفراد البشر في تجاربهم العرفانية، وفي الوقت عينه تكشف عن الامتيازات التي يحملها دين ما أو أمة ما عيى صعيد التجربة العرفانية. هذا الكتاب الذي بين يديك-أيها لا قارئ، يحاول دراسة العرفان من زاويتين: إسلامية ومسيحية، عبر شخصيتين من أهم شخصيات العرفان الإسلامي والمسيحي وهما "ابن عرابي ورودلف أتو". وتؤكد المعطيات التي يقدمها الكتاب مدى التفوق الذي أحرزه العرفان الإسلامي، إن على الصعيد الروحي نفسه، في ما تعبر عنه الأحاسيس والمشاعر أم على الصعيد المعرفي في ما ينتجه العرفان من تصورات عن الله والعالم والإنسان.