الحديث في هذا الكتاب خاص بالإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، هذا الإمام الذي نهض بثقل عظيم وانتصب بعبء ثقيل قل تنبه لكل منهما بالعطاء والجزل والقيادة الروحية، فقد عرف الإمام بعبادته وخلواته، وقد اشتهر بدعائه ومناجاته وقد انفرد بتخطيطه الريادي...
الحديث في هذا الكتاب خاص بالإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، هذا الإمام الذي نهض بثقل عظيم وانتصب بعبء ثقيل قل تنبه لكل منهما بالعطاء والجزل والقيادة الروحية، فقد عرف الإمام بعبادته وخلواته، وقد اشتهر بدعائه ومناجاته وقد انفرد بتخطيطه الريادي لحقوق الإنسان. وقد تكفل هذا البحث بقدر ما يستطيع باعتبار الإمام "قائداً" بما للقائد من مؤهلات وطروحات ومجابهة وتحد ولآراء تستقطب الأمة، و"داعية" بما للدعاية من نشاط، ونتيجة لهذا الطرح فقد انتظم البحث في ثلاثة فصول ابتعد المؤلف في معالجتها عن المنهج التقليدي، وتجاوزه إلى المنهج التحليلي القائم على أساس الاستنباط، واكتشاف المجهول، واستقراء الحقائق، بمنأى عن الفهم السطحي حيناً، وعن التزامات الموروث حيناً آخر. وكان الفصل الأول بعنوان "قيادة الإمام وتحديات العصر" وقد انتظم بثمانية بحوث، تحدث عن بداية الإمام الصعبة، ومسيرته القيادية الرائدة، وروح النضال في منظور جديد وقارن بين تحديات السلطان وموضوعية الإمام، ومشكلات العصر ومجابهة الإمام لها، وعرض الآثار الاجتماعية لحياة العبث والإسراف وموقف الإمام منها، وتناول ظاهرة العصبية القبلية بالبحث والتمحيص، وسلط الضوء على معالجة الإمام لمورثها الجاهلي، وعرض لتجربة الإمام الرائدة في كل من عصر الثروات، وعصر الطواغيت، اللذين فجرا في الإمام إذكاء روح النضال.
وكان الفصل الثاني بعنوان "الإمام الداعية وقد اشتمل على أربعة عشر بحثاً هي عصارة فكر الإمام في العقيدة والتشريع وأصول الدين وفروعه، وهي أيضاً حقل نظرات الإمام في القرآن، وكيان الملائكة، ومعطيات رمضان، فكان الوعي الرسالة قائداً،والقيادة الرائدة ومعالم التوحيد شاهداً، والعودة إلى الجذور الأولى منهجاً... ويمكننا اعتبار هذا الفصل كشفاً إحصائيا لفكر الإمام في مجالات شتى، باعتباره "داعية" رائداً للإسلام في دعائه الإيجابي، ومتناولاً لظواهره في العلم والأخلاق والسياسة والاجتماع والتربية والثورة المضادة.
وكان الفصل الثالث بعنوان "الإمام الإنسان" وهو عرض منهجي تحليلي في ضوء النقد الحديث لرسالة الحقوق التي سيرها الإمام زين العابدين للإنسانية قبل أربعة عشر قرناً بما لم تصل إليه مبادئ الثورة الفرنسية ولائحة حقوق الإنسان، مقررات الأمم المتحدة، فى واحد وخمسين حقاً متراصفاً، شمل عشرة بحوث متلاحقة خلصت غلى نظرية الإمام في التوجه الإنساني ذي الولاية العالمية الكبرى، بما يعد وثيقة إنسانية مترابطة، تعنى بحقوق الإنسان وقد حاول البحث عرض "رسالة الحقوق" عرضاً موضوعياً، فتم له ذلك في كل من: ديباجة حقوق الإنسان عند الإمام، حقوق النفس والجوارح، حقوق الأفعال، حقوق الدولة ونظام الحياة، حقوق الأرحام والولاء، الحقوق الاجتماعية، الحقوق المالية والقضائية، الحقوق الإصلاحية المشتركة، الحقوق الأخلاقية الاستراتيجية، وفصل القول في التصنيف الموضوعي في النقد التحليلي، وختم هذا الفصل بدراسة مقارنة لعموم مبادئ الأمم المتحدة في حقوق الإنسان، ومبادئ الإمام عليه السلام في الحقوق ذاتها.