-
/ عربي / USD
يعتبر هذا الكتاب من الوجهة الفنية من أهم مصنفات التاريخ العربي الإسلامي المختصرة، وقد استطاع مصنفه أن يؤرخ فيه أحداث القرون الهجرية العشرة الأولى، كالحروب، والغزوات، والمعارك، والولادات، والوفيات، وسير الأعلام، وغير ذلك من الأحداث التي شهدها تاريخنا العربي الإسلامي خلال هذه الفترة الطويلة من عمر الزمن، باختصار من غير إخلال ولا إطناب إلا فيما ندر.
أضف إلى ذلك أنه يمتاز من غيره من كتب التاريخ بأمرين اثنين: أولهما: كونه يؤرخ من السنة الأولى إلى سنة ألف للهجرة، الأمر الذي يجعله من أوسع كتب التاريخ الإسلامي المختصرة من جهة استيعابه لما يقرب من ثلاثة قرون زيادة على كتب التاريخ الأخرى كـ"تاريخ الإسلام" للذهبي، و"البداية والنهاية" لابن كثير، وغيرهما من مصنفات التاريخ.
وثانيهما: صفة الحياد التي حاول المؤلف أن يتمسك بها في معظم المواطن التي ألمح فيها إلى الأحداث الأليمة التي شهدها التاريخ الإسلامي، ولا سيما في القرن الأول الذي شهد العدد الكبير جداً من تلك الأحداث، ولا يخفى على الدارسين بأن صفة الحياد إن وجدت لدى المؤرخ فهي تعزز الثقة بكلامه، وتجعل كتابه مصدر ثقة لكل باحث أو ناقل، والعكس بالعكس.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى تمكن المؤلف -رحمه الله- من فهم النصوص القرآنية، والحديثية، والفقهية، وذلك ما يظهر واضحاً في أكثر من موطن من مواطن الكتاب، كما في قصص الظهار، وابن صياد، والتحكيم من هذا المجلد من الكتاب.
وإنك لتجد فوائد في الكتاب فيما يتصل بتراجم الأعيان من المحدثين، والمؤرخين، والأدباء، والشعراء، والفرسان، والقادة، والأمراء، لا تجدها في غيره من المراجع إلا بعد تتبع واستقراء كبيرين، لذلك إن اعتبر ابن العماد أحد المؤرخين المتأخرين الذين اعتمدوا على النقل واختصار الأحداث من مصنفات المؤرخين من العلماء السابقين لهم، إلا أن منهجيته في الاختصار والنقل والتدوين تكاد تكون هي المنهجية المثلى لمن يريد التصنيف المختصر في أي من الموضوعات العلمية أو الأدبية في نظري.
ولقفد عني المؤلف في المقام الأول بذكر وفيات أعيان المحدثين من رجال القرون العشرة التي استوعبها كتابه، وإنك لو تصفحت الكتاب كله لوجدت منهم العدد الكبير جداً، الأمر الذي يجعل الباحثين في كتب الحديث النبوي الشريف يستفيدون فوائد قيمة من هذا الكتاب، لدى رجوعهم إلى طبعته المحققة.
ولا بد لي من التنويه إلى أن المؤلف قد اقتصر على ذكر بعض الأحداث التي شهدها القرن الأول، وأغفل غيرها من الحوادث المهمة، الأمر الذي جعل المحقق يذيل عليه في بعض المواطن، ويسجل بتعليقات مسبوقة بالنجوم أهم ما شهده هذا القرن من الحوادث التي ارتأى أن تدوينها في الكتاب أمر ضروري لاستكمال ما فيه من النقص.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد