الحديث اليوم عن الأمن الفكري ضرورة تفرضها مستجدات العصر الرَّاهن، حيث التحديات الكبرى التي تنادت على عقل الأمة وفكرها من كل صوبٍ، مع ضعف المؤسسات المحامية للدّين، والمدرِّسة لأحكامه، والمدافعة عن ثوابته، والهزال الحاصل في تكوين العلماء المتخصصين زاد الطين بلَّةً، وجرَّأ...
الحديث اليوم عن الأمن الفكري ضرورة تفرضها مستجدات العصر الرَّاهن، حيث التحديات الكبرى التي تنادت على عقل الأمة وفكرها من كل صوبٍ، مع ضعف المؤسسات المحامية للدّين، والمدرِّسة لأحكامه، والمدافعة عن ثوابته، والهزال الحاصل في تكوين العلماء المتخصصين زاد الطين بلَّةً، وجرَّأ الجهلة، وأنصاف المثقفين على المعلوم من الشرع، والثابت من تعاليمه، فراحوا يعبثون ويشككون ويستخفون، ويمتدون في فراغ رهيب تركه العلماء العدول من الفاقهين بعلوم الوحي، ومحكم التنزيل. والمجتمع المسلم في أي عصر من العصور حريصٌ على حراسة عقول أبنائه، وحماية نفوسهم، مما يحقق الأمن الفكري الذي يعصمهم من الوقوع في براثن الشبهات وأدران الشهوات، فتأمين الأفكار لا يقل خطراً عن تأمين الأموال والأرزاق.
إنَّ الأمن الفكري الذي نعنيه في هذه الأبحاث، التي تستمد توجيهها من التاريخ الإسلامي، هو ما بُذل من جهد في صدِّ الإنحراف البيِّن عن المعلوم من الدين، والمقبول من المنطق، وما استند إلى صحيح المنقول وصريح العقول ولم يستند إلى هوى التأويل وإحتكار الفهم ورعونات التكفير مما عانت منه الأمة على مرِّ تاريخها الطويل ولا تزال...!.