لا تختلف المدارس الفقهية في وجوب العمل بالحديث المستجمع لشرائط الصحة، وأنه أحد مصادر التشريع، بل إنه أكبر المصادر وأوسعها نظاقاً وأثراً في الأحكام الفقهية.وكان الحنفية في طليعة من بحثوا في الأصول، ومع دقة نظرهم فيها، وتفنهم في طرق الاستدلال وشعابه، لم تظهر آراؤهم في مباحث...
لا تختلف المدارس الفقهية في وجوب العمل بالحديث المستجمع لشرائط الصحة، وأنه أحد مصادر التشريع، بل إنه أكبر المصادر وأوسعها نظاقاً وأثراً في الأحكام الفقهية. وكان الحنفية في طليعة من بحثوا في الأصول، ومع دقة نظرهم فيها، وتفنهم في طرق الاستدلال وشعابه، لم تظهر آراؤهم في مباحث أصول الحديث، ولم يعرفها العلماء كما عرفوا مذاهب المحدثين لها. من هنا داب الباحث الأستاذ "عبد المجيد التركماني" إلى جمع أصول الأئمة الحنفية في الحديث، وخرجها من بطون كتب أصول الفقه في كتاب مستقل وضع له عنواناً "دراسات في أصول الحديث على منهج الحنفية" والكتاب يحتوي على تمهيد وثمانية أبواب في التمهيد جمع المؤلف الأصول التي ذكرها الإمام أبو حنيفة وصاحباه، والإمام الطحاوي في مؤلفاتهم، أو نقل عنهم الآخرون بالسند المتصل إليهم، وأثبت أن عيسى بن أبان هو أول من خصَ كتاباً في أصول الحديث عند الحنفية، سماه "الحجيج الصغيرة". وقسم الأصوليون من الحنفية إلى طبقات، وترجم لهم، وعرَف كتبهم، وتكلم عنها. أما الأبواب الثمانية فمنها: "الكلام على الأخبار": (متواتر، ومشهور، وآحاد)، ومنها: "شرائط راوي أخبار الآحاد"، و"تعارض خبر الواحد والقياس"، و"بحث الانقطاع (الباطن والظاهر)" ثم "طرق التحمل والحفظ والأداء"، يلي ذلك: "أقوال الصحابة"، "والجرح والتعديل"، وفي الفصل الأخير درس المؤلف: "التعارض والترجيح بين الأخبار"، وهكذا فقد عالج المؤلف أصول الأئمة الحنفية بحسٍ واتقانٍ متفحصاً كتبهم وسيرها، فاقداً إياها ولم يترك جانباً إلا أشبع فيه الكلام والغاية فهم أكثر لـ "أصول الحنفية في الحديث".