صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطالع أنوار التنزيل، ومغارب أسرار التأويل، هم النجوم المشرقة بنور الهدى، أعلام الإسلام، ومصابيح الظلام، آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبايعوه، وساندوه واتبعوه، ونقلوا للأمة رسالته، وبلغوا أمانته، ونهضوا بنشر الدين في البلاد، وبذلوا في سبيله المال والمهج والأولاد، فحظوا بمرضاة رب الناس، لذا كان هؤلاء الرجال الأفذاذ هم الصفوة الصافية من الناس، اصطفاهم الله عزّ وجلّ وإنتقاهم، واختارهم لنصرة دينه ونبيه، فكانوا له وزراء ونصراء، وكانوا علماء أتقياء، وقال فيهم أحد العلماء: "إنما يعرف فضائل الصحابة رضي الله عنهم من تدبر أحوالهم وسيرهم، وآثارهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد موته في المسابقة إلى الإيمان والمجاهدة للكفار، ونشر الدين، وإظهار شعائر الإسلام، وإعلاء كلمة الله تعالى، وتعليم فرائضه، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصلٌ ولا فرعُ، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنّةً ولا فرضاً، ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئاً... فكان من الواجب الإقرار بفضلهم العظيم.
من هذا المنطلق شرع المؤلف في تصنيف هذا الكتاب ليكون بمثابة مرجع لمعرفة سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، للإقتراب منهم أكثر، والإقتداء بهم، ونهج منهجهم القويم، ليكون المسلم خير نموذج بتطبيقه الإسلام الحق، الذي هكذا عرفوه، وهكذا طبقوه، الدافع في ذلك إيمان بالله عزّ وجلّ راسخ ومحبة لرسوله صلى الله عليه وسلم وإقتداء به والإهتداء بهديه.

وإلى هذا، فقد جمع المؤلف مادة بحثه هذه من مصادر متفرقة، متوخياً في عمله هذا إيضاح صورة كل من ترجم له، وإبراز الجوانب المهمة في حياته، وإيراد الدروس المستفادة منها، والحرص أشدّ الحرص على إنتقائه الأخبار الصحيحة بدقة، منتقياً منها ما وافق القرآن الكريم والسنّة المطهرة.

إلى جانب ذلك عند المؤلف إلى دراسة بعض الأخبار دراسة تقوم على التعليل والتفسير، وإيضاح أي إشكال، وبيان حياة الصحابي وتبينها على نحو قريب من صورته في عصر الرسالة، ناقداً ما ورد حولهم من أخبار تشيع الإضطراب في النفوس وتدعو إلى الشك في شخصيات بعض الصحابة الذين ملأوا الدنيا بأعمالهم العظيمة، وأقوالهم القويمة، مبتعداً في ذلك عن العواطف التي نتضارب مع منهج العلم.

هذا وقد قام المؤلف بإغناء كتابه هذا بهوامش تضمنت، أزهار الآداب، وتعليقات نفيسة، وفوائد قيمّة، وشروحاً تزيل اللَّبس، وتوضح المبهمات، وتعمّق الفكرة، وتثري فكر القارئ؛ أما منهج البحث فقد جاء على النحو التالي: ترتيب مادة البحث ضمن مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة وفهارس، ثم في المقدمة بيان المفاهيم المهمة التي تخصّ رجال عصر النبوة، وتذكر فضائلهم وحياتهم، وكيف نالوا ثناء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما الأبواب فقد جاءت رؤوس موضوعاتها على النحو التالي: 1-"رجال سابقون من المهاجرين" الذي تحدث عن دور الصحابة في نشر الدعوة إلى الله تعالى وكشف النقاب عن فتوحاتهم وآثارهم، وكيف أثروا التاريخ بجلائل الأعمال، 2-"رجالٌ سابقون من الأنصار"، حيث عمد المؤلف في هذا الباب إلى ترجمة ثلاثة من مشاهير السابقين من رجال الأنصار وخيارهم، 3-"رجال أسلموا عام الفتح" حيث تضمن هذا الباب ترجمة لخمسة رجال من كبراء الصحابة وأغنيائهم ممن أسلم عام الفتح، 4-"رجال من قبائل شتى" وتم الحديث في هذا الباب عن ثمانية من الصحابة البررة، ممن كانت لهم كثير من الاخبار المشتهرة، والأعمال البارزة في بناء صرح الإسلام.

وأخيراً تأتي الخاتمة التي ضمت حديثاً حول نعيم بن سعود الأشجعي، وقصة إسلامه، وركوبه كل صعب في سبيل إعلاء كلمة الله عزّ وجلّ، ودوره البارز في غزوة الخندق.