فإذا استقام لكتاب في التاريخ الإسلامي هذا المنهج القويم المحكم، وجمع إليه عبارة رصينة مستقيمة، في غير تكلف، وقدرة ذكية على إستخلاص الحقائق العلمية في إنصاف لا يشوبه التعصب الحامل على التعسف إذا استقام لكتاب، في التاريخ الإسلامي، هذا كله، كان قميناً بأن يضيف إلى العلم...
فإذا استقام لكتاب في التاريخ الإسلامي هذا المنهج القويم المحكم، وجمع إليه عبارة رصينة مستقيمة، في غير تكلف، وقدرة ذكية على إستخلاص الحقائق العلمية في إنصاف لا يشوبه التعصب الحامل على التعسف إذا استقام لكتاب، في التاريخ الإسلامي، هذا كله، كان قميناً بأن يضيف إلى العلم إضافةً جديدة نافعة، ويصبح أثراً باقياً لأزمان طويلة آتية. وهذا هو ما يقدمه إلينا كتاب الدكتور محمود بشار عواد معروف: (موقف علماء أهل السنّة من السلطة السياسة في العصر العباسي الأول)، فقد وقفتُ فيه على ذلك كله، وغيره، من فرائد المعرفة وفوائد البحث التاريخي، والأمانة في عرض معلوماته، والإنصاف في الوصول إلى نتائجه، حتى إنني قرأت الكتاب كله متتابعاً دون إنقطاع، ومنذ قرأت مقدمته لم أتركه حتى أتيت على خاتمته، وبقدر ما شغلني ذلك عن أعمال أخرى، كنت قد بدأتها قبل أن يصل هذا الكتاب إلى يدي، بقدر ما كنت سعيداً به مستمتعاً بالتنقل السلسِ بين فصوله الخمسة ومقدمته الماتعة وخاتمته الدقيقة الموجزة.
ولا أضع القلم - عن هذا التقديم - قبل أن أذكِّر القارئ بالمثل العربي القديم "الولد سرُّ أبيه" الذي يصدق كل الصدق في مؤلف الكتاب محمود بشار عواد وأبيه العلاّمة المحقق المدقق الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف.
وقد ظهر ذلك أوضح ما يكون في الجهد الكبير الذي بذله المؤلف تحقيقاً وتدقيقاً في مادة هذا الكتاب الماتع النافع، فجزى الله تعالى الأب والإبن، كلاهما عن الآخر، خير ما جزى من بَذل للناس وعلَّمَه فانْتُفع به.