-
/ عربي / USD
في كتابه "منبعا الأخلاق والدين" يتصدى الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون لمسألة الأخلاق والدين وما يرتبط بهما من أمور الحياة السياسية، بل ما يتصل بهما من تأملٍ عميق في رسالة الإنسان ومصيره ودوره في صنع العالم الإنساني المنشود.
يرى برغسون، أن ثمة منبعين للأخلاق، الإلزام من جانب والصبوة والتطلع من جانب آخر، أما الأول فنجده في المجتمعات المغلقة "الصغيرة والقديمة، حيث يطوّق الفرد نطاقٌ من العادات والأوامر الإجتماعية الملزمة، والتي يحرص على الإلتزام بها آلياً.
أما المنبع الثاني للأخلاق، فهو وليد اللحظات النادرة الخلاقة في تاريخ الإنسان، هو من نتاج أبطال كبار يملكون من الطاقة الحيوية والإنفعالية المجددة ما يمكّنهم أن يقودوا الناس ويسيروا بهم نحو عدالة جديدة وأخوة جديدة وفهم جديد لذاتهم ولواجباتهم.
وهكذا برأي برغسون تولد الأخلاق "المفتوحة" وإن ظلت بينها وبين الأخلاق "المغلقة" صلات مدّ وجذب، ومثل هذه الثنائية التي يرسمها برغسون في ميدان الأخلاق، يجدها القارئ للكتاب في ميدان "الدين" فهناك الأديان البدائية القائمة على الخرافة والوهم والسحر وسواها، وهنالك الوثبة الصوفية التي تتجلى لدى كبار الأنبياء والمصلحين، والتي تجاوز المقاصد النفعية الضيقة للديانات الساكنة، وتُحل محلها ديانات ترقى إلى أعلى مراتب القيم الروحية والمحبة الإنسانية، والتجربة الصوفية، في رأي المؤلف، هي المصدر العلمي التجريبي الوحيد الذي يملكه الإنسان إذا أراد أن يستبين حقيقة الدين ويدرك وجود الإله ويعي ما يطلبه من الإنسان.
وهناك يحاول برغسون تطبيق نظرياته في الأخلاق والدين على مشكلات الواقع السياسية وعلى مشكلات التقدم الإنساني والحضارة الإنسانية، إنها روحه وأخلاقه وأفكاره التي يمكن قراءتها بلغة هذا العصر، وفي إطار المشكلات المطروحة اليوم بما يُمكّن من البناء لتصور سليم لحضارتنا العربية المرجوة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد