لا يمكن اعتبار أزمة 2007 المالية العالمية كسابقاتها من الأزمات المالية، أو حدثاً عارضاً يمر به النظام الرأسمالي ليعود ويستعيد عافيته ويستمر. إنما ... وبحسب الكاتب، يمكن لهذه الأزمة أن تشكًل نقطة مفصلية في تغيير النظام المالي العالمي، أو اقله نقطة البداية التي تؤسس لمرحلة...
لا يمكن اعتبار أزمة 2007 المالية العالمية كسابقاتها من الأزمات المالية، أو حدثاً عارضاً يمر به النظام الرأسمالي ليعود ويستعيد عافيته ويستمر. إنما ... وبحسب الكاتب، يمكن لهذه الأزمة أن تشكًل نقطة مفصلية في تغيير النظام المالي العالمي، أو اقله نقطة البداية التي تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل تطور النظام الرأسمالي. بإعتبارها الحلقة الثالثة الأوسع والأكثر ضرراً على دول العالم كافة وعلى نظمها الاقتصادية.
إذا كان صحيحاً ان الرأسمالية قد مرت على التوالي بمراحل الرأسمالية التجارية فالرأسمالية الصناعية، ثم الرأسمالية المالية. فانها تمر اليوم بمرحلة جديدة من مراحل تطورها بعد الثورة المعلوماتية التي جاءت لخدمة مشروعات هذه المرحلة. فما حدث في تشرين الأول سنة 1929، وتشرين الأول سنة 1987، في سوق الأسهم ظلّ محصوراً في سوق المال ولم يتعداه الى المجالات الاقتصادية. أما الذي حصل سنة 2007 وتظهّر في تشرين الأول سنة 2008، كان مختلفاً تماماً، فلم تبدأ الأزمة في سوق الأسهم، بل بدأت بإعلان إفلاس أكبر المصارف وأكبر شركات التأمين.
وإذا كانت أزمة 2007 المالية تشكّل الحلقة الاخيرة من سلسلة الأزمات السابقة عليها، فلا بد من ربطها بما سبقها من أزمات من ناحية أولى، واعتبارها نقطة تحول في النظم المالية والاقتصادية العالمية من ناحية ثانية. وهذا ما تم الاضاءة عليه في القسم الأول، بالحديث عن النظام الرأسمالي وأزماته.
فتناول الباب الأول من هذا القسم: مراحل تطور النظام الرأسمالي وأزماته، حتى أزمة 2007 المالية. ويؤشر هذا الباب الى المراحل التاريخية لأزمات الرأسمالية وحلقات ترابطها.
أما الباب الثاني من القسم الأول، اختص بتشخيص وأسباب ونتائج أزمة 2007 المالية العالمية، ان لجهة منشأها أو لناحية العالمين المتقدم والنامي.
ففي مراحل تطور النظام الرأسمالي، تم التركيز على مراحل ثلاث:
- الأزمة المالية العالمية الأولى: وهي أزمة 1929، وأطلق عليها أسم مرحلة نظام، وانتهت بالركود الاقتصادي الكبير. والإشارة تكمن في علاقة هذه المرحلة بأزمة 2007.
- الأزمة المالية الثانية: التي امتدت من سبعينيات القرن الماضي حتى الأزمة الآسيوية سنة 1997، وأطلق عليها في مرحلة السبعينيات مرحلة العهد الجديد، وانتهت بأزمة الركود التضخمي. والإشارة أيضاً إلى علاقة هذه الأزمة بأزمة 2007.
- الأزمة الثالثة: وهي أزمة 2007 المالية العالمية، ويمكن أن يطلق عليها مرحلة الفقاعة المالية. ولعلها ستنتهي بنتيجة أصعب من سابقتيها.
وبلمحة سريعة عن الأزمة الأولى (أزمة 1929). سبق أن حقق الاقتصاد العالمي بين (1870 – 1913) معدلات نموّ غير مسبوقة، وأصبحت التجارة العالمية تنمو بمعدلات تفوق معدلات نمو الناتج المحلي، فتضاعفت قيمها في الفترة المذكورة أكثر من أربع مرات، إلا ان هذا النموّ تواكب مع نموّ الاحتكارات العالمية وتوسع سوق المنافسة، وهذا ما أسس لأزمة 1929، ولإخفاق مقولة الايدي الخفية لآدم سميث. وانتهت هذه المرحلة أو انها بلورت لحقبة جديدة وهي الحقبة الكينزية.