يكشفُ «الربيعُ العربي» عن هيامٍ عريقٍ عند العرب، هو هيام الانشقاق والرفض، ذلك الذي عرفه تاريخنا في جميع مراحله. فهو جزءٌ عضوي من البنية السياسية العربية، منذ نشوء «الدولة» الإسلامية الأولى، «دولة» الخلفاء.وكان جمهور هذا الهيام اثنين: الأول غيرُ منظّم، مجموعاتٌ من الأفراد،...
يكشفُ «الربيعُ العربي» عن هيامٍ عريقٍ عند العرب، هو هيام الانشقاق والرفض، ذلك الذي عرفه تاريخنا في جميع مراحله. فهو جزءٌ عضوي من البنية السياسية العربية، منذ نشوء «الدولة» الإسلامية الأولى، «دولة» الخلفاء.وكان جمهور هذا الهيام اثنين: الأول غيرُ منظّم، مجموعاتٌ من الأفراد، تطالب بمزيدٍ من الحريات والحقوق، في الميادين المعرفية بخاصةٍ، دون اهتمامٍ مباشرٍ بالسّلطة. والثاني مُنظّم يعمل، أساسياً، على الوُصول إلى السلطة واستلامِ مقاليدها.يؤكّد لنا هذا الواقع التاريخي أَنّ الثورة في المجتمع العربي لا تتمّ إلا إذا كانت قطيعةً مع ماضيه المتواصل: لا مع السلطة وحدَها، وإنما مع البُنى والمؤسّسات الاجتماعية والثقافية والدينية.سقوط هذه الأنظمة، إذاً، ليسَ ضرورةً تاريخيةً وثقافيةً فقط، وإنما هو أيضاً ضرورة إنسانية. لقد عرف العربي في تاريخه القديم كثيراً من المهانةِ والإذلال، غير أن أوجَ هذه المعرفة يتمثّل في تاريخه الحديث، تاريخ «الربيع العربي»... (من مقدّمة المؤلّف)