صدرت في الأعوام الأخيرة عدة أبحاث تناولت تاريخ المدن الفلسطينية خلال العهدين العثماني والبريطاني, وقد تناولت هذه الأبحاث أساساً المدن المركزية والكبرى، في حين بقي معظم مدن الأقاليم الداخلية خارج دائرة الاهتمام، أو ربما ذكر بشكل عابر، وهو الأمر الذي ينطبق بصورة خاصة على...
صدرت في الأعوام الأخيرة عدة أبحاث تناولت تاريخ المدن الفلسطينية خلال العهدين العثماني والبريطاني, وقد تناولت هذه الأبحاث أساساً المدن المركزية والكبرى، في حين بقي معظم مدن الأقاليم الداخلية خارج دائرة الاهتمام، أو ربما ذكر بشكل عابر، وهو الأمر الذي ينطبق بصورة خاصة على مدينة صفد. وعلى الرغم من الأهمية التاريخية لهذه المدينة ومكانتها الإدارية، كمركز قضاء كبير ومركز تجاري وديني وثقافي للجليل الأعلى، فإنها لم تحظ، وخصوصاً سكانها العرب، بأية دراسة علمية شاملة، علماً بأن سكانها العرب كانوا الأكثر عدداً، وكان لهم مركز الصدارة والدور الريادي في المدينة والقضاء. وعليه فقد بقي دوراهم الاجتماعي والسياسي غامضين إلى حد كبير. إزاء هذا النقص في الدراسات العربية، هنالك وفرة من الدراسات العبرية التي تمحورت أساساً حول تاريخ الجالية اليهودية والموضوعات المتعلقة بحرب 1948 وما أسفرت عنه من انتصار ساحق لليهود. وحتى حين تأتي هذه الدراسات إلى ذكر السكان العرب فهي تذكرهم بصورة عابرة، مع تبنيها طبعاً الرواية الإسرائيلية الرسمية، التي لا تقيم وزناً للرواية التاريخية العربية.
من هنا تنبع خصوصية وأهمية هذه الدراسة، التي تتناول تاريخ صفد الانتدابية من الناحيتين الاجتماعية والسياسية، محاولة سد الفراغ المشار إليه ولو بشكل جزئي.