لهذا الكتاب أهميته البالغة لسببين أولهما موضوعه الساخن "القدس" موئل الأفئدة، وثانيهما لمؤلفه وليد الخالدي في كونه مؤرخاً ومرجعاً في القضية الفلسطينية. ولد في القدس، وحمل همومها فصارت قضية فلسطين بصورة عامة والقدس بصورة خاصة هاجسه وموضوع دراسته ومؤلفاته.والكتاب يحمل مأساة...
لهذا الكتاب أهميته البالغة لسببين أولهما موضوعه الساخن "القدس" موئل الأفئدة، وثانيهما لمؤلفه وليد الخالدي في كونه مؤرخاً ومرجعاً في القضية الفلسطينية. ولد في القدس، وحمل همومها فصارت قضية فلسطين بصورة عامة والقدس بصورة خاصة هاجسه وموضوع دراسته ومؤلفاته. والكتاب يحمل مأساة القدس في طياته من خلال دراسة ومحاضرة. الدراسة حملت عنوان "القدس: من العهدة العمرية إلى كامب ديفيد الثانية". وهي دراسة أعدها المؤلف بالعربية، واستخدم مقاطع منها في محاضرات ألقاها في كل من فاس (المغرب) وعمان ودمشق.
والمحاضرة ألقاها الباحث في الأصل، بالإنكليزية في مؤتمر عن القدس عقد في جامعة جورج تاون بواشنطن. فمن خلال الدراسة التي قدمها الباحث حول "القدس: من العهدة العمرية إلى كامب ديفيد الثانية" يبين بأنه لا بد، اليوم ومستقبلاً لأي تفاوض، أو لأي تقويم لوضع القدس ومصيرها، من أن ينطلق، بعد الآن، من حيث انتهت محادثات كامب ديفيد الأخيرة، وذلك لسببين اثنين:
أولاً: لأنه ولأول مرة منذ أن تبنت واشنطن مشروع التقسيم سنة (1947)، الذي تضمن حلاً تفصيلياً لقضية القدس على أساس كيان منفصل خاضع لوصاية دولية، تكشف واشنطن القناع، على مستوى رئيسها، عن تصور تفصيلي، جديد، بديل لما ترتئيه حلاً عادلاً لقضية القدس.
ثانياً: لأول مرة منذ احتلالها للقدس الشرقية سنة 1967، تخرج إسرائيل، على مستوى رئيس الحكومة، وبحضور الرئيس الأميركي، عن عموميات شعاراتها عن القدس، لتكشف القناع عن تصور تفصيلي لما تراه أقصى ما يمكن أن ترتضيه حلاً عادلاً لقضية القدس.
وقبل انطلاق الباحث في تقديم وضع القدس على ضوء ما جرى في كامب ديفيد أجرى دراسة تاريخية بين من خلالها المراحل التي مرت بها القدس منذ أن استلم الخليفة عمر بن الخطاب المدينة من البيزنطيين سنة 637م مروراً بمراحلها من العهود الإسلامية المتعاقبة وصولاً إلى مرحلتها في عهد الانتداب البريطاني، ليتطرق أخيراً للحديث حول ما جرى في كامب ديفيد، حيث قصر ملاحظاتها على خلفيات ما اعتبره أهم القضايا التي أثيرت في كامب ديفيد بالنسبة للقدس.
وأما بالنسبة للمحاضرة التي تضمنها هذا الكتاب فقد تحدث من خلالها عن القدس كمركز لصراع وتوتر في فترتين متلاحقتين فترة أولى كان الصراع والتوتر فيها مديدين بين الإسلام والغرب. وفي الفترة الأخيرة التي شهدت انتقال السيطرة من أيدي المسلمين إلى بريطانيا ولاحقاً إلى إسرائيل حيث ظلت مسألة "القدس" مصدراً لتوتر كبير بين الإسلام والغرب، وكذلك بين الإسلام والعرب المسيحيين من جهة، وبين اليهودية من جهة أخرى ليصل بعد ذلك إلى وضع القدس الحالي على ضوء صراع الفترة الأخيرة التي غدا مصير القدس خلالها مجهولاً وباتت معها احتمالات الوصول إلى حلّ سلمي مشرف في القدس صفر، وذلك في ظلّ الواقع القائم، ولا سيما أن الليكود في السلطة.
لكن الباحث يقول بأن البراعة الإنسانية لن تقف حيال ذلك عاجزة عن ابتداع حلّ سلمي مشرف، ولكن سيكون من الأهمية بمكان لابتداعه أن يكون حاضراً في الذهن مدى التغييرات الواسعة النطاق التي تمّت على الأرض منذ سنتي 1948-1967، وإدراك عدم توازنها لمصلحة أحد الأطراف. ويقدم طرحه الذي يؤدي إلى إمكانية الوصول إلى ذلك الحلّ العادل والمشرّف لقضية القدس خصوصاً، وبالتالي للقضية الفلسطينية بصورة عامة، فالقدس هي صورة مصغرة في الصراع الأوسع في هذه القضية.