يشكل هذا الكتاب أول دراسة موسعة ومعمقة للتحولات في المجتمع وفي النظام السياسي الفلسطيني بعد أوسلو. وقد عمل الأستاذ جميل هلال على إعداد هذه الدراسة خلال العامين اللذين كان فيهما زميلاً باحثاً في مواطن، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، التي تبنت هذه الدراسة.وكما هو...
يشكل هذا الكتاب أول دراسة موسعة ومعمقة للتحولات في المجتمع وفي النظام السياسي الفلسطيني بعد أوسلو. وقد عمل الأستاذ جميل هلال على إعداد هذه الدراسة خلال العامين اللذين كان فيهما زميلاً باحثاً في مواطن، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، التي تبنت هذه الدراسة. وكما هو معروف، كتب الكثير عن اتفاقات أوسلو وتبعاتها السياسية والقانونية وتأثيرها في محيط الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بما في ذلك الدول العربية. ومعروف أيضاً أن اتفاقات أوسلو، وإنشاء سلطة فلسطينية أول مرة على أرض فلسطين، وازدواجية دور القيادة التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية كقيادة أيضاً للسلطة الفلسطينية بعد أوسلو، وبداية تشكلات مجتمعية وسياسية جديدة في المناطق التي انسحبت منها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، تشكل، في مجملها، ظاهرة جديدة وأمراً واقعاً لا يمكن تجاهل تطوره وتأثيره في المستقبل السياسي والمجتمعي في فلسطين والشتات.
وإزاء هذا الوضع الجديد تنشأ مجموعة من المسائل والقضايا التي ما زالت مفتوحة أو بانتظار إجابة وافية: ما هي التحولات الاجتماعية الجارية في فلسطين في ظل السلطة الفلسطينية، وهل أدت إلى ظهور نخب أو شرائح اجتماعية جديدة؟ من له مصلحة في نشوء نظام ديمقراطي فلسطيني، وما هي العناصر التي يمكن أن تؤدي دوراً في التغيير؟ هل انتهى دور "الفضائل"، وكيف يمكن تصور علاقة "الداخل" "بالخارج" في المستقبل؟ هل هناك علاقة بين القضية الوطنية والقضية الديمقراطية، وهل هناك دور خاص للمجلس الفلسطيني في ظل السلطة الفلسطينية؟ وأخيراً وليس آخراً، كيف يمكن الحفاظ على وحدة تمثيل الشعب الفلسطيني في الحاضر وفي المستقبل وضمن نطاق أي إطار؟
هذه الأسئلة لا تتعرض للمسألة السياسية، بصورة مباشرة، والمتعلقة بمسار المفاوضات وكيفية استعادة الحقوق الفلسطينية. لكن من الواضح أن التحولات في الحقل الاجتماعي في فلسطين بعد أوسلو، وسمات النظام السياسي الناشئ وآفاق تطوره المستقبلية، ستترك أثراً محدداً في مجرى الأمور في المستقبل. وليس في الإمكان الإجابة عن بعض هذه التساؤلات من دون رصد المعالم الأساسية لهذه التحولات في جانبها السياسي أو في جانبها المجتمعي الأشمل.
ويحتل الأستاذ جميل هلال موقعاً ملائماً وفريداً لرصد الوضع الفلسطيني وتحليله بعد أوسلو. فهو أكاديمي متخصص، وباحث متميز، ومشارك في الحياة السياسية الفلسطينية خلال ما يزيد على عقدين من الزمن. وهو أيضاً محلل للحياة السياسية الفلسطينية وناقد لها. إن كل هذا سيجعل الكتاب مرجعاً أساسياً لهذه الحقبة من تاريخ الشعب الفلسطيني.