يكمل هذا الملف ملفين آخرين محدودي التوزيع، أحدهما يتناول وقائع الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران/يونيو 1982 حتى نهاية العام، والثاني يتناول وقائع الغزو من الناحية الاقتصادية، ويغطي هذا الملف فترة المفاوضات اللبنانية-الإسرائيلية التي انتهت بتوقيه اتفاق 17أيار/مايو 1983،...

يكمل هذا الملف ملفين آخرين محدودي التوزيع، أحدهما يتناول وقائع الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران/يونيو 1982 حتى نهاية العام، والثاني يتناول وقائع الغزو من الناحية الاقتصادية، ويغطي هذا الملف فترة المفاوضات اللبنانية-الإسرائيلية التي انتهت بتوقيه اتفاق 17أيار/مايو 1983، والأحداث التي تلت وتوجت بإلغاء هذا الاتفاق. كما يغطي نشاطات المقاومة الوطنية وممارسات السلطات الاحتلال، والانسحاب الجزئي إلى نهر الأولي، ومختلف وجهات النظر الإسرائيلية المتعلقة بحجم الانسحاب والتي ذهبت إلى مناقشة نتائج الاجتياح وتقويم فوائد البقاء في لبنان أو الانسحاب منه.
كل ذلك من المصادر الصحافية الإسرائيلية وحدها من دون سواها من المصادر، وليست هذه الملفات تاريخاً. فالجنوب اللبناني لا يزال في وهج الدم الذي يصنع هزيمة المحتل ويحرر الأرض والإنسان، لكنها قراءة للاتجاهات الإسرائيلية على تنوعها واختلافها من موضوع الاجتياح وأهدافه ووسائله ومدى ما حققه من نجاح أو فشل، ولا شك في أن هذه القراءة مقابلة بما يجري على الأرض من أحداث، تساعد على فهم طرائق التفكير الإسرائيلي، وعلى استطلاع مخططاته وتحركاته والتبصر في مواقع قوتها أو ضعفها.

وفي هذا الملف بالذات نقرأ آراء الذين كانوا في السلطة في تلك الفترة، والذين كانوا في المعارضة وأصبحوا حكام إسرائيل بعد ذلك بنحو سنة، ونقرأ تحليلات المعلقين في الصحافة الإسرائيلية، وأخبار كواليس السياسة، وأسرارها أحياناً. نقرأ عن أساليب المفاوض الإسرائيلي وعن حدود القوة العسكرية في تغيير وضع سياسي.

وإذا كانت إسرائيل تسعى لدى نشر هذا الملف لإشعال نار فتنة تؤدي إلى تهجير طائفي إلى الشريط الحدودي فإن في إمكاننا أن نقرأ في ملف 1983 عن مشاريع مثل هذا التوطين على الحدود الشمالية، وافتعال فوضى في بيروت لتغطية إقامة "الدولة المصغرة" في الجنوب، أو إقامة منطقة عازلة وتسييجها وتحديد الدخول إليها والخروج منها ونزع السلاح فيها تقرأ عن طموحات إسرائيل من هذه الحرب العدوانية، وبينها إقامة مثلث السلام-مصر وإسرائيل ولبنان".

ونقرأ في المقابل عن فشل الحملة العسكرية واهتزاز سلاح الردع الإسرائيلي وتحول الانتشار في لبنان إلى ورطة ومآزق، وانهيار الجانب الإستراتيجي من الاجتياح بالنزول عن جيل الباروك والابتعاد عن أبواب دمشق في البقاع، وتأثر معنويات الجنود الإسرائيليين نتيجة قناعاتهم بأن هذه الحرب عدوانية ولا مبرر لها. ونقرأ عن الإطماع الإسرائيلية في المياه اللبنانية، وعن الفشل في إنشاء ميليشيا شيعية موالية لإسرائيل في الجنوب، والفشل في نقل تجربة "روابط القرى" إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فيه.

وفي هذا الملف نقرأ أيضاً كلام الإسرائيليين أنفسهم على كفاح المقاومة الوطنية وخصوصية تجربتها النضالية: إنها حرب تختلف عن سابقاتها، فالجيش الإسرائيلي لا يملك الجواب عن المشكلات التي يواجهها، وإسرائيل تخوض للمرة الأولى حرب استنزاف تكون خسائرها فيها أكبر من خسائر المقاومة الوطنية.