يهدف القرآن الكريم من إيراد القصص والحكايات تأهيل الإنسان لاجتياز المنعطفات الضيقة والدهاليز المظلمة وتمكينه من الوصول إلى مواطن النور والهداية. غاية الأمر إن متابعة الهدف الأصلي للقصة قد يتطلب في بعض الحالات المناسبة إيراد قصة أو جانب من قصة منتخبة بحجم وأسلوب فني مناسب،...
يهدف القرآن الكريم من إيراد القصص والحكايات تأهيل الإنسان لاجتياز المنعطفات الضيقة والدهاليز المظلمة وتمكينه من الوصول إلى مواطن النور والهداية. غاية الأمر إن متابعة الهدف الأصلي للقصة قد يتطلب في بعض الحالات المناسبة إيراد قصة أو جانب من قصة منتخبة بحجم وأسلوب فني مناسب، ولكن ليس على أساس سرد القصص والحكايات بل على أساس الإبداع في كيفية تقرير الوقائع الثابتة والتي لا لبس فيها. وينبغي أن يصطلح على هذه الطريقة والأسلوب في نقل القصة والحكاية في القرآن الكريم بالمنهج القصصي في القرآن. ضمن هذا الإطار تأتي الدراسة حول القصص القرآنية وتاريخ الأنبياء في تفسير الميزان. وبعد تفسير الميزان أحد أكبر التفاسير المعاصرة، وهو ثمرة جهد مضني ومتواصل نهض بأعبائه العلامة المفسر الكبير محمد حسين الطباطباني. بحث السور القرآنية الـ (114) من زواها وأبعادها المختلفة، الروائية والتاريخية والعلمية والكلامية والفلسفية، وخلال شرحه المبسوط للآيات الكريمة عالج الكثير من الآراء والنظريات التفسيرية لمفسرين آخرين من السنة والشيعة. ونظراً لأن القصص والحكايات تشكل قسماً مهماً من القرآن عمد العلامة إلى تبيان أهداف القصص في القرآن إلى جانب شرحه لتقاصيها والنكات الظريفة فيها. سلك العلامة منهجاً خاصاً في نقل القصص القرآنية يمكن القول أنه أحد أوجه التمايز والافتراق بين تفسيره الكبير والتفاسير الأخرى وكذلك الكتب المؤلفة في قصص القرآن وسير الأنبياء.
وقد تناول المؤلف هذه النواحي في دراسته هذه وتلك بعض النقاط بخصوص الطريقة المتبعة في تصنيفها 1-إن الطباطباني يورد القصص غالباً ويناقشها بعد الانتهاء من تفسير الآيات المرتبطة بها. وقد حرص المؤلف على استقصاء هذه القصص وتدوينها بموجب التتابع التاريخي للأحداث. 2-بالنسبة لبعض القصص لم يبحثها العلامة على نحو مستقل. وقد استفاد المؤلف من تفسيره لهذه الآيات والملاحظات التي يبيدها، ونظمها على هيئة قصة مستقلة، حيث يكون بوسع القارئ أن يكون لنفسه فكرة عامة عن القصة مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد بشأنها في كتاب الميزان، وذلك نظير قصة أصحاب الفيل وغيرها. 3-القيام بتجميع البحوث الروائية ذات الصلة بالقصة المنظورة لإيرادها في نهاية القصة. 4-إيراد الآيات المرتبطة بالقصة قبل الشروع فيها. أما الغاية من هذا العمل فهو أن يكون بين الشباب وبين القرآن مزيد من الألفة والأنس من خلال هذه القصص وسير الأنبياء وذلك ليردوا ظمأهم الروحي من زلال الوحي ومعينه الصافي العذب وليهتدوا بنور هداية الحق وسيرة الأنبياء الصالحين.