"يعد انفجار الخلاف السني ـ الشيعيوصراحة التعبير عنه في غير بلد إشارة ساطعة إلى بلوغ التمزّق في نسيج مجتمعاتنا مدىبعيداً، وعلى توسع رقعة "الآخر" في الحياة والثقافة العربيتين والإسلاميتين على ما أشار، ذات مرة، الكاتب التونسي صالح بشير. ... فالحال أن ثقافتنا التي تتحايل على...
"يعد انفجار الخلاف السني ـ الشيعيوصراحة التعبير عنه في غير بلد إشارة ساطعة إلى بلوغ التمزّق في نسيج مجتمعاتنا مدىبعيداً، وعلى توسع رقعة "الآخر" في الحياة والثقافة العربيتين والإسلاميتين على ما أشار، ذات مرة، الكاتب التونسي صالح بشير. ... فالحال أن ثقافتنا التي تتحايل على مشكلاتنا بالإنكاروالتجاهل تتحمّل مسؤولية كبرى عما آلت إليه الأمور. ذاك أننا بدل أن نواجه المشكلة على حقيقتها (وغني عن القول إن المعرفة شرط المعالجة الشارط)، آثرنا اللجوء إلى "كلنا إخوان" الشهيرة.لكن نظرة أكثر نقدية، وأقل اكتراثاً بما كان يعلنه الطرفان، وبصورة كل منهما عن ذاته، وعن "الآخر" استطراداً، تسمح بالقول إن المنازعة هذه تملك من عناصرالانفجار ما لا يجوز غض النظر عنه. فهي تحتوي على طاقة تقويض لأكثر من بلد (العراق، البحرين، لبنان...)، فيما تتصل ببعض الموضوعات الأساسية لتقدم المنطقة ككل، وفي رأسها الحداثة والعلمنة ومفهوم المواطنة.صحيح أن الموضوع ليس، في نهاية المطاف،دينياً، أو أن الديني فيه يحاكي ويكمل المسائل الاجتماعية والسياسية الأعرض.إلا أن ذلك لا ينفي، قبل التصدي للتفكير في حلول لن تأتي، ضرورة رسم صورة أدق عن الفاعلين المعنيين بالأمر، وعن طبيعة المنازعة الدائرة بينهما، وأحد أبعادها ديني ولو صير إلى تخفيفه بتعبير "مذهبي"." حازم صاغية، كاتب سياسي ومعلق في جريدة "الحياة"، أصدر عدداً من الكتب في السياسة والثقافة السياسية العربيتين، منها "بعث العراق: سلطة صدام قياماً وحطاماً"، "العرب بين الحجر والذرة: فسوخ في ثقافة سائدة"، "وداع العروبة"، "هذه ليست سيرة"، الصادرة عن دار الساقي.