-
/ عربي / USD
كان محمد حديد من أبرز الشخصيات الوطنية العراقية التقدمية التي حازت احترام العراقيين على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم. عرف بثقافته العصرية الواسعة، ونزاهته المطلقة، وتفكيره الرصين العميق. وكان موضع تقدير واحترام في جميع العهود السياسية التي توالت على العراق في ظل النظامين الملكي والجمهوري.
تولى محمد حديد وزارات عديدة خلال عمله السياسي، فكان الوزير الذي يستمد قوته من كفاءته ونزاهته وثقافته، والسياسي الذي لم يصانع من أجل منصب، ولم يتراجع عن موقف من أجل مغنم، ولم يحل انتماؤه إلى أسرة ثرية من وجهاء الموصل دون اعتناقه الأفكار الاشتراكية التقدمية المعتدلة التي وجدها ضرورية لرفع مستوى شعبه. كان سياسياً مثالي الأفكار، وواقعي الرؤية، في الوقت نفسه. وقد حاول التوفيق بين الأماني الوطنية والإمكانات المتوافرة لتحقيقها.
قضى محمد حديد السنوات الأخيرة من حياته في لندن للعلاج والراحة، وأزجى أوقاته بإملاء مذكراته، وإن لم يسمح له الأجل بمراجعتها وتنقيحها بنفسه، لكنها كانت مذكرات تتناول سيرته الشخصية و السياسية منذ ولادته في الموصل، ودراسته في إنكلترا، وعمله السياسي في العراق. وهي تتناول بكثير من الإسهاب دوره في مفاوضات النفط مع الشركات الأجنبية، التي توّجت بإصدار القانون الرقم ثمانين، الذي كان هو تحديداً صاحب فكرته ومهندسه.
وفي المذكرات تفاصيل عن مطالبة عبد الكريم قاسم بالكويت، وعن نشاط الحزب الوطني الديموقراطي، والخلاف الذي ظهر في أواخر عهد عبد الكريم قاسم، واختلافه مع صديقه القديم كامل الجادرجي، واستقالته من الوزارة والحزب في آن واحد، وتأسيسه حزباً جديداً هو "الحزب الوطني التقدمي".
وتحتوي المذكرات أيضاً على فصل يحكي عن تقييم عهد عبد الكريم قاسم بقلم شخصية كانت من أركانه ومن أبرز شخصياته الرئيسية، مع عرض موضوعي لأهم الجوانب السلبية والإيجابية من ذلك النظام.
وتأتي مذكرات محمد حديد في رد واقعي وصريح، وأسلوب أخلاقي رفيع المستوى، خالٍ من الحقد، وبدون تبجج، ولا تفخيم لدوره الشخصي في صناعة الأحداث. وهي تلقي أضواءً مهمة على جوانب كثيرة من تاريخ العراق السياسي.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد