-
/ عربي / USD
يتناول هذا الكتاب ملامح من تحولات البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الأنبار، منذ مطلع القرن الثامن عشر، ويتتبع اصطفافات وتقلبات الولاءات العشائرية في مناطق غرب بغداد، المعروفة اليوم بالأنبار، وهي مناطق وقعت، خلال الفترة التي يتناولها الكتاب، تحت وطأة ثلاثة تهديدات، لا يقل وأحدها خطورة عن الآخر: أولاً، خطر جحافل البدو، من الجنوب المفتوح على الجزيرة العربية، وأيضاً البدو الذين انتقلوا بنجاح إلى جزيرة بلاد الرافدين، بجوار الموصل، مجتازين نهر الفرات الذي يتوسط الأنبار. وامتدت هذه المرحلة من القرن الثامن عشر، وحتى تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920. ثانياً، «جيوش المدن»، من بغداد شرقاً، بامتداده الجغرافي المفتوح على إيران والدولة العثمانية. وهذا الخطر ألحق هزيمة ساحقة بالتحدي العشائري في جميع أنحاء العراق، خصوصاً منذ انقلاب بكر صدقي عام 1936. ثالثاً، الأيديولوجيات الدينية، منذ عام 2003، وتناوبت عليها تنظيمات سلفية متنوعة، أبرزها القاعدة وداعش. تعايشت عشائر الأنبار ببراعة مع التهديدين الأول والثاني، ولم يحدث أن اضطرت عشائرها إلى هجرات واسعة، سوى انزياحها المحدود من مناطق الحدود السورية العراقية حالياً، نزولاً مع مجرى الفرات باتجاه بغداد، قبل قرابة قرنين من الزمن. ومع ذلك، لم تصبح الأنبار مركزاً للسلطة أو شريكاً فيها ببغداد، طيلة القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وبدأت هذه المعادلة بالتغير، مع وقوع كامل العراق الحالي، تحت الاحتلال البريطاني، في عام 1918 حيث اعتبر البريطانيون أن هذه المنطقة مفيدة لإحداث توازن طائفي، نوعاً ما، لتمكين النخب العربية السنية من حكم العراق. إن المراحل اللاحقة لهذا التاريخ، شهدت تحولات بطيئة في علاقة بغداد (مركز السلطة) مع الأنبار، إلى أن حدث التحول السريع، بعد الغزو العراقي للكويت، وهزيمة النظام العراقي في عام 1991. لاحقاً، ستقفز الأنبار إلى صدارة المشهد الأمني في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، بعد سقوط نظام صدام في عام 2003، لتصبح منطلقاً لأعنف حركتين شهدتهما منطقة الشرق الأوسط: «القاعدة» و«الدولة الإسلامية - داعش». وهو ما ينقلنا إلى التهديد الثالث الذي يبدو أن نجاة الأنبار من تداعياته، مكلف للغاية، بعد تعرضها لدمار البنية التحتية وتمزق نسيجها الاجتماعي وتفشي وعيد الثارات بين مكوناتها.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد