-
/ عربي / USD
تقع المكتبة الخالدية في قلب القدس القديمة، على مسافة مئة متر من الحرم الشريف من الناحية الجنوبية من طريق باب السلسلة، تطلّ على البراق وعلى حيّ المغاربة السابق عند ملتقى هذا الطريق بعقبة أبي مدين المؤدية إلى الحيّ. ويشكل طريق باب السلسلة اليوم الحدّ الفاصل بين الحيّ اليهودي الموسّع في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967 وبين الحيّ العربي الإسلامي إلى الشمال منه. أما حيّ المغاربة فقد حلت محله الباحة التي أنشأتها إسرائيل حينذاك على أنقاضه أمام البراق الذي يعتبره اليهود حائط مبكاهم بعد أن دكت مبانيه جميعاً بالخرافات.
هذا ويقع بين مبني الخالدية الأساسي في موقع بركة خان التي تضم باحتها أضرحة ثلاثة من كبار أمراء الخوارزميين الذين وفدوا إلى مصر والشام لمقاتلة الإفرنج، وهم حسام الدين بن بركة خان الأب، ووالده حسام الدين كرة بك، وبدر الدين محمد بك. وغالب الظن أن بدرين هو الذي بنى التربة ما بين سنة 663هـ/1265م. وجدير بالذكر أن السلطان بيبرس تزوج ابنة حسام الدين بن بركة خان هذا.
وموضوع الدراسة في هذا الكتاب هو نشوء الخالدية منذ تجميع أول نواة لمخطوطاتها سنة 1133هـ/1720م، أي قبل افتتاحها سنة 1900م بنحو مئتي عام، ثم ظروف افتتاحها كمكتبة عمومية في السنة المذكورة، وكيف تطورت ما بين افتتاحها سنة النكبة 1948، وما حلّ بها منذئذ، وبعد احتلال إسرائيل للقدس الشريفة سنة 1967، وكيف تمكّنت جمعية أصدقاء المكتبة الخالدية من الحفاظ عليها وتنميتها، عسى أن يعتبر هذا العمل نموذجا مصغراً لما يمكن للمسيحيين وللمسلمين، أن يحققوه دعماً لصمود القدس وتوطيداً لصبغتها العربية.
هذا وإن لصدور هذا الكتاب في هذه الأيام الحالكة معاني خاصة فهو شاهد ناطق على تفاني المؤمنين من أهل القدس في خدمة مساجدها ومعاهدها الدينية جيلاً بعد جيل، وعلى حرصهم الشديد على الحفاظ على تراث السلف الصالح والأجداد العظام، وصيانة مآثره التليدة. وهو كذلك سجلٌّ حافل لمساعي عائلة من العوائل المقدسية، ومن أقدمها ارتباطاً بمدينتهم في هذا السبيل، عن طريق تولي علمائها ومشايخها مناص القضاء والإفتاء والمشيخة والتدريس في جوار الحرم الشريف منذ القرن السابع الهجري على أقلّ تقدير، وعن طريق وقف ما بين أيديهم مما اقتنوه أو توارثوه من نفائس المخطوطات في العلوم الدينية الرئيسية على ذويهم وعلى ذريتهم, وعلى علماء مسجدي الأقصى وقبّة الصخرة وفقرائهما من بعدهم. وهي سيرة إلتزمها آل الخالدي على مرّ القرون، وحتى بعد أن انتقل بعضهم إلى العمل منذ أواخر العهد العثماني في مجالات دنيوية إلى يومنا الحاضر.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد