تعيش الحضارات التقليدية مأزقاً حقيقياً متأتياً من كونها فقدت بناها الفكرية الكبرى، أو بالتدقيق فقدت هذه البنى مبرّرات وجودها بفعل الهجمة الحداثية الغربية. ويكبر مأزق هذه الحضارات لأنها لم تشارك في صنع هذه الحداثة، ولأن التحديث نفسه بدا لها مرادفاً للتغريب، ما جعل من...
تعيش الحضارات التقليدية مأزقاً حقيقياً متأتياً من كونها فقدت بناها الفكرية الكبرى، أو بالتدقيق فقدت هذه البنى مبرّرات وجودها بفعل الهجمة الحداثية الغربية. ويكبر مأزق هذه الحضارات لأنها لم تشارك في صنع هذه الحداثة، ولأن التحديث نفسه بدا لها مرادفاً للتغريب، ما جعل من الحداثة بمثابة جرح نرجسي لها. يطرح هذا الكتاب إشكالية العلاقة بين الحداثة والحضارات التقليدية، ويبرز تفكك البنى القديمة للنظرة التقليدية للعالم، ويكشف عما لحق هذه البنى من تهديم منظم بسبب ظهور الحداثة، وبسبب تحجر هذه البنى ضمن "المأثور" الديني. وتمثل "الثورة الدينية"، في سياق هذه الإشكالية، علامة خطيرة على فشل وعجز مزدوجين: عجز الحداثة عن إقناع الجماهير المحرومة الطريحة على هامش التاريخ؛ وعجز التقاليد الدينية عن استيعاب ما عرفته العصور الحديثة من قطيعة مع الماضي. ويسعى الكتاب، في إطار بحثه عما يجمع ويفرق بين الحضارات القديمة والحداثة، إلى الإجابة عن سؤال حضاري محوري حول التحدي الغربي للحداثة: ما هي حقيقته؟ وكيف نواجهه؟ وكيف نرد عليه؟ وكيف نحقق النهضة؟ وبالتالي، لماذا حل السؤال عن السقوط وأسبابه محل الحديث عن النهضة وسبل ارتقائها؟