-
/ عربي / USD
بدأ ذهنى ينصرف إلى أفكار أخرى، أفكار لا علاقة لها بالارض، والبنك والمرحوم والدى.. أفكار لها علاقة بى ..أنا، وحينما أحضرت لى زوجتى كوب الشاى منذ ايام وقلت لها: أنا لا أحب الشاى، نظرت الى فى دهشة واستفهام.. فهى لم تتعود منى أن أقول: أنا لا أحب، تعودت أمينة أن أكل كل ماتقدمه، وأشرب كل ماتقدمه، ولكنى قلتها، قلت انا لا احب، وأنا أشعر بدهشة أنا ايضآ.. لأنى أقول ما فى نفسى لأول مرة بدون أن ألقى بالا لأحد، واكتشفت فى ذلك اليوم عندما دخلت غرفتى وجلست على مكتبى، أنى لا ارفض الشاى وحده، ولكنى أرفض معه أشياء أخرى كثيرة, أرفض بيتى وحياتى، وأتمنى أن أصرخ فجأه.. لأقول لزوجتى أنا لا أحبك وأقول عن حياتى إنها سخيفة.. وأنزع الصورة المدلاه من الجدار .. وألقى بها فى الشارع، ولكنى لم أجد الجرأه على أن أقول كل هذا، وأكتفيت أن أرفض الشاى فى عصبية، وأزيحه من أمامى.. ثم أشعل سيجارة.. وعادت حياتى فجأه أمامى، كشريط سريع، حياة سخيفة مثل لحية مستعارة.. ليس فيها ملامحى.. ليس فيها أنا، وشعرت بشهوة الطفل فى تحطيم اى شئ والجرى الى الخلاء.. الى الهواء الطلق.. والعربدة.. والضحك.. والبكاء، شهوة ملحة فى أن ابسط اجنحتى التى كانت مضمونة طوال هذه السنين.. وألحق بها كالطائر، وتدفقت أيامى كلها، تطالب بحقها فى ان تعيش من جديد طفولتى، صباى، شبابى.. ثم عاودنى الجبن.. وتيقظ خوفى القديم.. وأمسك بعقلى، وسكت على مضض.. وأنا ألوك فى فمى آلاف الكلمات.. ولكنى أحسست أنى تغيرت.. أصبحت شخصا اخر غير حلمى القديم، عرفت لذة التمرد، وظل هذا الاحساس يلازمنى.. وأنا أدخل الى البورصة.. والسيجارة ما زالت فى فمى.. وعيناى تقراءن الكلمات المكتوبة على السبورة فى الدور العلوى.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد