-
/ عربي / USD
"كان بعدوان مسرعين، وقد ارتفع الغبار حولهما وبدا واضحاً أنهما في عجلة من أمرهما، فقد شقّا الصحراء من جهة الكوفة باتجاه كربلاء دون أن يتوقفا لحظة أو ينظرا للخلف، وكأن هنالك من يلاحقهما، حين بانت لها أسنة الرماح وأطراف السيوف على مشارف كربلاء أبطأ كل من عبد الله بن مسلم وعبد الرحمن الصالح من سرعتهما، وراحا يتلفتان يميناً وشمالاً، قال عبد الله: ترى هل استطعنا الهروب، أم أن هنالك من يتبعنا؟ فردّ عليه عبد الرحمن: أعتقد أننا نجونا من السجن بأعجوبة ولله الحمد، ولكن قل لي كيف نتسلل الآن إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام وننصره قبل فوات الآوان؟ فقال عبد الله: لا أدري... ولكن دعنا نقترب، وكن حذراً.
وتقدما ببطء باتجاه كربلاء محاولين الإبتعاد عن أعين جنود ابن زياد للوصول إلى صفوف جيش الحسين عليه السلام، لقد رافقا الحسين عليه السلام من مكة إلى كربلاء، ولكنهما بدافع تحمّل المسؤولية، والبحث عن أنصار للإمام عليه السلام تركا كربلاء صبيحة ذلك اليوم، وانقطعت أخبارهما حيث اكتشف أمرهما في أول قرية قصداها، وتمّ اعتقالهما، ولكنهما كانا مصممين على نصرة الحسين عليه السلام، ولذلك فقد بذلا جهدهما واستطاعا الهروب من يدّ السجان، وعادا مرة أخرى إلى كربلاء، ولم يكونا على علم بما جرى هناك.
وبينما كانا يحاولان الدخول من الجهة الوسطى بين المعسكرين لمحهما أحد جنود ابن زياد فأسرع إليها صارخاً: من أنتما؟ وماذا تفعلان هنا؟ فارتبك عبد الرحمن وخاف، إلا أن عبد الله أجابه مباشرة ودون ارتباك: لماذا تصرخ علينا ألا ترى أننا من معسكر واحد؟!...
لقد ذهبنا نسقي فرسينا الماء، وعدنا لإكمال القتال، فصرخ بهما الجندي: تسقيان الفرسين، أم حلّ عليكما الجبن والخوف؟!! اغربا عن وجهي أيها الجبانان سحب عبد الله صاحبه عبد الرحمن وقال له بصوت منخفض: أسرع قبل أن يشك فينا، وهكذا دخلا إلى كربلاء [...].
وهكذا يتابع الكاتب فصول كربلاء الثلاث: 1- فصل في تحدي الأشقياء، 2- وفصل في المقتل في كربلاء، 3- ثم فصل في اقتصار الدم على سيوف الأعداء.
وتجدر الإشارة إلى أن الكاتب يذكر بأن لثورة الحسين فصول ثلاث: الفصل الأول: قادة الحسين عليه السلام في مواجهة طغاة بني أمية، وقد بدأ عن المدينة إلى مكة، ثم من مكة إلى كربلاء، أما الفصل الثاني: وكما يذكر أيضاً، قد بدأ من كربلاء إلى الشام، ومن الشام إلى كربلاء ثم إلى المدينة المنورة، حيث قام كلٌّ من الإمام السجّاد عليه السلام والسيدة زينب عليها السلام بدور بطولي في فضح السلطة الأموية وسلب مشروعيتها وزرع بذور الثورة فيها.
ومشيراً إلى أن الفصل الثالث هو الفصل الذي بإستطاعة كل فرد أن يساهم فيه، مؤكداً أن كل واحد هو مكلَّف بقضية الحسين عليه السلام لأنها قضية الحقّ ضد الباطل.
وهنا يذكر الكاتب بأنه كان قد تناول الفصل الأول في كتاب سابق له، والذي جاء تحت عنوان "وجاء الحسين عليه السلام"، وأما هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ "وقامت زينب" وهو المكمل للكتاب السابق "وجاء الحسين عليه السلام"، حيث تناول فيه الفصل الثاني من فصول نهضة الإمام الحسين عليه السلام، مفترضاً شخصين يقومان بتحليل الحوادث، وتبين مجريات الأمور في حوادث كربلاء، وفصول الثورة، مضيفاً أنه، ومع أن "عبد الله بن مسلم" و"عبد الرحمن الصالح" شخصان افتراضيات، إلا أن لهما دوراً مهمّاً فيما يتعلق بتحليل ما يرتبط بالسيدة زينب عليه السلام وسيرتها.
أما فيما يرتبط بالنصوص، فيذكر الكاتب بأنه اعتمد فيها على المصادر الموثوقة التي تناولت يوم عاشوراء، وتاريخ الحوراء العقلية عليها السلام قبل عاشوراء، ويوم عاشوراء، وبعد عاشوراء.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد