-
/ عربي / USD
شهد الحقل البلاغي في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن محاولات متراكمة لتجديد البلاغة العربية، وإعادة التفكير في الدرس البلاغي برمته، سواء من حيث إعادة قراءة سياقات نشأة البلاغة العربية وتفسيرها، أو مقاربة العوامل المركبة التي شكلت أسئلتها المعرفية. وامتدت إعادة القراءة نحو محاولة الحفر المعرفي في اتجاهاتها ومنازعها، فكان السؤال حول ما إذا كانت البلاغة العربية في كل تجلياتها تمثل نسقاً واحداً أم نحن أمام أكثر من خطاب بلاغي، أو (بلاغات) متنوعة لكل منها أهدافها وطرائقها في النظر، بل عقيدتها حول مفهوم اللغة نفسها وطبيعة التواصل. لقد شهدت نهاية القرن التاسع عشر باكورة تشكل ما يشبه الاتجاه لإعادة النظر في البلاغة ومحاولة تجديدها على يد أمين الخولي في كتابه "فن القول" فضلاً عن مؤلفاته الأخرى، وكوّن مدرسة أطلق عليها مدرسة "الأمناء" (...). ومع انعطافة البلاغيين والنقاد العرب نحو الاحتكاك المباشر بالمناهج والنظرية الغربية في البلاغة ظهرت مشاريع علمية متراكمة لعدد وافر من الأساتذة المصريين التي أسهمت مشاريعهم في تأصيل الدرس البلاغي وإعادة صياغته وفق الاتجاهات والنظريات الجديدة. ولم تقف جهود النقاد العرب عند محاولة تأصيل خطاب بلاغي متنوع المرجعيات والأهداف بل يتسم بقدرته على التعاطي مع الأنواع والأجناس المتعددة أدبية وغير أدبية، مما يمثل رحابة واتساعا في المنظور ومحاولة لإثراء الدرس البلاغي الحديث.وفق هذه المعطيات العامة نأمل في إعداد كتاب جماعي يقف عند جهود هؤلاء الأساتذة والأسس المعرفية والإشكاليات التي حاولوا التصدي لها لبلورة اتجاهاتهم ومشاريعهم العلمية البلاغية. في ضوء تلكم الخلاصات الموجزة، وقع اختيارنا على هذا الموضوع ليشكل منطلق عمل بحثي مشترك يتسم بالموسوعية والشمول والتنوع، ويكون ركيزة بحث للقارئ العربي المتخصص، ومنطلق دراسات وبحوث أخرى قد تسهم في تعميق الرؤى تنظيرا وتطبيقيا.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد