-
/ عربي / USD
ذاكرته أمست دارًا للعجزة. لا شك أن بعضهم مات وبعضهم اهترأ وسيبقى له واحد أو اثنان يأخذ منهم العلم الأكيد. رجال ونساء هذه الدار معظمهم فوق الثمانين. يدفعون المرء إلى اليأس ولكنه لن ييأس. سيبحث عنهم مهما كلَّف الأمر. لم يخرج من السجن لينضمَ إلى هؤلاء الذين يعيشون حياة تبعد عنه خمسين سنة. بشرٌ لم يُفكّر فيهم ولم يتخيّل أنهم موجودون. غاص في حلمه الذي بدأ يستولي على حقيقة وجوده منذ أن بلغه خبر العفو. تخيّل في لحظة خروجه من السجن أن يُشاهدَ مَن بقي من أهل الشميسي وأم سليم ودخنة وحلة الداخلة والعجلية والدحو وشارع الخزان وشارع العطايف وغيرها من الحارات والشوارع التي جابها في شبابه. ظنَّ أن جلوسه في الفندق لن يتعدّى أكثر من أسبوع.
أعدَّ التحايا والكلام الذي سيُقال عند اللقاء، وتخيّل سخريتهم على ما آل إليه شكله وأشكالهم، وبالتأكيد سيبكي بعضهم وبعضهم سوف يستغرقه الأمر أيامًا ليصدّقَ أن ناصرًا بن سويمري (أبو محمد) خرج من السجن حيًّا. الله المستعان وحده. لا يمكن لأي منهم أن يُسقطه من الذاكرة.
يعرفُ شباب الرياض شرقًا وغربًا. كان شابًا جسورًا ومحبوبًا وسهل المعشر. مِن الصعب أن ينساه أهله وأصدقاؤه، ومَن يُصر أن ينساه فلن ينسى الجريمة البشعة التي هزّت الرياض ووُثقت رسميًا باسمه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد