شارك هذا الكتاب
أقدام حائرة
(0.00)
الوصف
جلسا ذات مساء على مقعديهما غير الوثيرين ، يطلان من شرفة منزلهما الجديد على وادٍ مستلقٍ في أحضان جبال السردات ، وكأنه عاشق متيّم وجد محبوبته بعد عناء كبير ، فارتمى في أحضانها ينشد الحب والدفء . كانا يتأملان ذلك المنظر الخلاّب والتوافق الأبدي رغم ما يصيبهما من سنب بين حين وآخر...

جلسا ذات مساء على مقعديهما غير الوثيرين ، يطلان من شرفة منزلهما الجديد على وادٍ مستلقٍ في أحضان جبال السردات ، وكأنه عاشق متيّم وجد محبوبته بعد عناء كبير ، فارتمى في أحضانها ينشد الحب والدفء . كانا يتأملان ذلك المنظر الخلاّب والتوافق الأبدي رغم ما يصيبهما من سنب بين حين وآخر . ساد الصمت بينهما برهة من الزمن ، وكان كل منهما يفكر من أين يبدأ الحديث ويقطّع أوصال ذلك الصمت الرهيب وإزهاق روح التكلف والرمي بها في أتون ذلك الوادي السحيق فتتناثر أشلاؤهما فتتخطفهما تلك النسور وطيور الرخم والغربان الحالكة السواد ، والتي تجوب تلك الأجواء بحثاً عن الطعام ، أي طعام لا يهم ، فهي لم تذق شيئاً منذ أسبوع بعد جثمان قرد تردّى من رأس الجبل واستقر في قاعدته فاجتمعت عليه الضواري والطيور ، وكانت وجبة غير دسمة لا تسمن ولا تغني من جوع .

كان الأب أسرع إصلاتاً من الإبن فقطّع أوصال الصمت ورمى بها في منحدرات ذلك الوادي وقال : بلغني أنك يا بنيّ تنوي السفر إلى خارج أرض الوطن ، فمتى سيكون ذلك إن شاء الله ؟ وأردف : كان عبور الحدود إلى الديار البعيدة في زمننا وعبر حقبة جريمة لا تُغتفر . أما اليوم فقد تغير الزمن يا بنيّ . إهتز كيان الإبن هزاً عنيفاً وبدا عليه الإرتباك خوفاً من الغضبة القادمة . تحركت شفتاه بتهمة غير مسموعة ، وقال في نفسه كيف عرف الوالد بهذا الأمر ، إنه لا يزال طيّ الكتمان ؟ إهتزّ كيانه مرة أخرى عندما التفت إليه والده بنظرات حادة يستعجل الجواب . إستجمع قواه ونطق في تلعثم ، نعم يا والدي هذا صحيح ، ولكنها ما زالت مجرد فكرة . إستجمع قواه مرة أخرى بتلعثم أشدّ وقال : كن .. كن .. كنت أنوي أستأذنك قبل السفر وذا ... وذا ... وذلك عندما تسمح الظروف . عقّب الوالد بقوله .. إيه يا بني ما علينا ، فقد كبرت ومن حقك اتخاذ القرار الذي يناسبك ، فالصقر يبقى في رعاية والديه وحضنها حتى يكبر ، وتطول جناحاه ، وتقوى قوادمه على الطيران ، فيغادر وكره ولا يعود إليه ، بل ينسى والديه . إن السفر يا ولدي في ذاته ليس عيباً أو حراماً ، ولكن العيب ... وأمسك عن الكلام فجأة . هيا ... هيا .. يا ولدي ناولني عكازي وتعال معي إلى الداخل فلديّ ما أودّ أن أقوله لك .

ناوله عكازه ومشى خلفه وكأنهما جزار وكبش لا يدري ما يفعل به . استقرا على أريكة في الداخل وتشاغل الإبن بأمر ما ، لكن الوالد بادره قائلاً : يا بُني عندما كنت في مثل سنك جمعت حقائبي استعداداً للسفر إلى أي ناحية في أرض الله الواسعة ، بحثاً عن لقمة العيش الحلال ، وليس للتسلية والترفيه ، وكان والداي لا يرغبان في سفري لحاجتهما إلي ، وخوفاً عليّ من الضياع ، ولكنني استطعت أن أقنعهما فوافقا . كنت حائر الفكر والقدم لا أدري أين أذهب ، وعندما وصلت إلى ذلك البلد الذي اختاره الله لي ، لم يكن لديّ ما أصرف منه ولا أصدقاء آوي إليهم فأستأنس بهم ويسلونني في وحدتي ، أضنتني الغربة كثيراً ، وأشقاني التفكير في أصدقاء العمر ومرابع الصبا ، ولكن الإنسان بطبعه إجتماعي ، فمع الوقت كونت أصدقاء مخلصين .

مرت السنون كالأيام حتى جاء يوم من الأيام عرض عليّ أحدهم فكرة الزواج من أبنة عمي الذي كنت أعمل عنده خادماً ، فقد كانت على جانب كبير من الجمال والخلق والدين ، وقد راودتني الفكر قبل ذلك ، ولكنني ترددت كثيراً وفكرت في ديرتي ومصير أولادي مستقبلاً ... " يتابع الوالد فكرة غربته ... وينصت الإبن ... وبين هذا وذاك يسير الإنسان وفق الأقدار ... هي حكاية كل إنسان في هذه الحياة ويكون القول الفصل في النهاية : " أنا اشاء وأنت تشاء والله يفعل ما يشاء " .. قصة تتبعها قصص وحكايات وكأن الكاتب وقف على منعطفات الحياة ليروي قصص العابرين فيها .. مجموعة قصصية تحاكي الواقع بتلقائية .. وبأسلوب سردي بسيط بعيد عن التكلّف .. فيغدو القارىء مشاهداً أحياناً .. ومشاركاً أحياناً أخرى ... وليكون هو البطل في بعض الأحايين ...

التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9789953932620
سنة النشر: 2019
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 134
عدد الأجزاء: 1
الغلاف: Paperback
الحجم: 14x21

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 2-5 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين