-
/ عربي / USD
لم ينقطع الدارسون عن درس القرآن في الأزمنة القديمة أو الحديثة، من العرب والمسلمين كما من الأجانب، بل يبدو القرآن، في جوانب من مدوّنته، صالحاً للدرس أكثر من غيره من الكتب الدينيّة المكرَّسة، وما قد يشكو منه بعض المسلمين من "إضاءة مزيدة" على كيان القرآن، لا يعود بالضرورة إلى تقليد "تشكيكيّ" به،
أوروبيّ قديم، واستشراقيّ متأخّر خصوصاً، وإِنّما قد يعود - في بعضه على الأقل - إلى توفّر مدوّنة واسعة عن القرآن، وقابلة بالتالي للتفقّد والفحصِ والدرس.
ليس غرض هذا الكتاب البحث في تاريخ القرآن، وإنّما في مسألة قلّما أولاها الدارسون القدامى، ولا سيّما المحدثون، عنايتهم:
- أهليّة المدوِّنين في تدوين القرآن.
- أهليّة العربيّة، أو مدى توفّر الأحكام والأدوات في ضبط ألفاظها وصيغها.
فقد تحقّقَ الدرسُ من أنّ مشاكل الوحي - الكتاب، ومشاكل التِدوين، واختلاف الصيغ، قد تتأتّى، في جوانب كبيرة منها، من نواقص في كفاءة الكتَبة، وقد تتأتّى من عدم تبلور أحكام ناظمة وموحِّدة لمثول العربيّة التدوينيّ، وللقراءة فيها.
القرآن حدثٌ هائل في حياة العرب، من دون أن تتوفّر للقوّة الإِسلاميّة الدينيّة - السياسيّة، في تشكلها الأوّل، قوّةٌ لغويّة بالضرورة (في جماعات "أمّيّة"، في عدم تَمكنها من الكتابة)، أو كفاءة أو "جدارة" مناسبة وضابطة لها.
يعود الكتاب، في درسه، إلى مكتبة واسعة (بأكثر من لغة) من المصادر والمراجع، لكي يقوم بمساءلة المدوّنة العربية (في النزول؛ في جمع القرآن؛ في التجاذبات اللغوية حوله؛ في التفسيرات حول "واحديّة" القرآن و"تكاثر" العربيّة) عن أسباب قيامها، عن تشكّلاتها ونزِاعاتها ومعضلاتها.
ويطمح الكتاب إلى التعامل مع هذه المدوّنة (التي تجمع ما "وصل" إلينا من دون أن يكون سليماً أو تاماً بالضرورة) تعاملاً تفكريّاً في ما فكرتْ فيه، وكيف فكرتْ فيه، وما انتهتْ إليه، من دون أن تُنهيه بالضرورة: إنّ مصاعب العربيّة الحاليّة تكمن في "تراكم متراكم" من التجاذب بين عربيّة "قديمة" نزاعيّة بين المتعالي والقَبَليّ، وبين عربيّة زمنيّة، عاميَّة وفصيحة، في عهدة "بيئات" لغويّة متفاعلة ومتباينة؛ وينتهي الكتاب إلى السؤال الصعب والملحّ: متى إصلاح العربيّة؟.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد