-
/ عربي / USD
هذا الكتابُ مقاربةٌ لسؤالٍ رئيسٍ يصوغُهُ غادامير: "كيف يكونُ الفهمُ ممكناً؟" وهو سؤالٌ يرجْعُ صدى كانط، غيرَ أنَّ الفهمَ الذي يصفُهُ ويؤوِّلُهُ هذا الكتابُ ظاهراتيّاً يختلفُ عن المعرفةِ التي كان كانط يلتمسُ شرائطَها وحدودَها وإمكانّها.
لا يبني هذا الكتاب منهجاً للإجابة عن سؤاله، فهو ليس كتاباً في المنهج، وهذا هو الأمرُ الأوَّلُ المهمًّ، أمَّا الأمرُ الثاني المهمُّ فهو أنَّه لا يقدِّمُ حقيقةٌ معيَّنةٌ ولا يحدِّد مواصفاتِها ولا اشتراطاتِها.
إنَّما يكافحُ من أجل منح الشرعيَّة لخطاباتِ تجاربَ إنسانيَّةٍ تقعُ خارج حدود العلم الحديث، ازدادَت هذه المهمَّةُ إلحاحاً بعد أن زعمَ العلمُ الحديثُ قدرتَه الحصريَّة على بلوغ الحقيقة، بل زعمَ أيضاً أنَّ كلَّ ما يقعُ خارج نطاقه لا يمتُّ إلى الحقيقة بِصلةٍ.
وغادامير ليس ضدَّ المنهج العلميِّ، ولا ضدَّ الحقيقة العلميَّة، غير أنَّه يرى أنَّ للعلمِ حدودّاً يجب ألَّا يتعدَّاها، وميادينُ تجاربِ الروحِ الإنسانيَّة، الشِّعرُ، الفنُّ، الدِّينُ، العلومُ الإنسانيَّةُ، وغيرُ ذلك، ترسمُ هذه الحدودَ صراحةٌ، وهي جميعها تندُّ عمّا يسمّى بالمنهج العلميِّ الدقيق والمضبوط، والأمرُ الثالثُ المهمُّ هو أنَّ الفهمَ ليس فعلاً يحدثُ في حقلٍ معرفيَّ معيَّنِ، ولا هو مجرد سلوكٍ من بين سلوكيّاتٍ أخرى متنوِّعةٍ، وليس شيئاً نمتلكُه، إنَّما هو شيءٌ نَكونُهُ، إنَّه نمطُ وجودِ الإنسانِ نفسه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد