يمكن تعريف مبدأ الشرعية، بأنّه لا يمكن تجريم سلوكٍ وفرض عقاب أو تدبيرٍ عليه إلا بموجب نصّ تشريعي، يصدر عن السلطة المشترعة، أو عن سلطة فوضّتها الأولى بإصداره، وهو ما يشار إليه بعبارة ترادفه: "لا جريمة ولا عقوبة بدون نصٍ".وربّ متسائلٍ، ما الغاية من بحث موضوعٍ، يعتبره البعض...
يمكن تعريف مبدأ الشرعية، بأنّه لا يمكن تجريم سلوكٍ وفرض عقاب أو تدبيرٍ عليه إلا بموجب نصّ تشريعي، يصدر عن السلطة المشترعة، أو عن سلطة فوضّتها الأولى بإصداره، وهو ما يشار إليه بعبارة ترادفه: "لا جريمة ولا عقوبة بدون نصٍ". وربّ متسائلٍ، ما الغاية من بحث موضوعٍ، يعتبره البعض تقليدياً، أشبع دراسةً وتمحيصاً، فنجيب على ذلك بأنّ العبرة ليست في إختيار موضوعٍ جديدٍ، بقدر ما هي في الوصول إلى نتائج جديدة، وهذا ما أرمي إليه في دراستي هذه، وخصوصاً وأنّ ما اطلّعت عليه من دراسات ومقالات تناولت هذا المبدأ، يختلف من جهة حول أصوله ونشأته، ويقصره البعض على الدين الإسلاميّ دون سواه من الأديان السماوية، من جهة أخرى. أضف إلى ذلك، أنّ الغالب من الفقه، يحصر مصادر هذا المبدأ، بالمصادر المكتوبة فقط، أي النصوص القانونية، بمعنى أنّه لا يركن الأخذ به وإعمال التجريم والعقاب إلا إلى نصٍ تشريعيّ واضحٍ ومحدّد، يجرّم السلوك ويعاقب عليه. فهل من مصادر أخرى له، غير مكتوبةٍ، وفي حال وجودها، هل يجوز الأخذ بها، وما مدى ذلك ونطاقه. في ذا تكمن أهميّة هذا البحث، إذ يعالج مسألة ثار الخلاف حولها، وتزداد هذه الأهميّة، مع التطوّر العلمي والصناعي والتكنولوجي المتسارع، والّذي لا تلبث تتفتق عنه أشكال وأنماط مستحدثة من السلوكيات تستأهل التجريم والعقاب، فهل يتسّع مفهوم مبدأ الشرعيّة ليجاريها تجريماً وعقاباً؟. ومن الطبيعي، بعد ما عرضت، أن لا أضمّن مقدّمتي هذه أيّة لمحة تاريخية.