تكمن إشكالية هذا الكتاب في عدة نقاط: 1-لطالما طرحتُ السؤال التالي: هل أطلع خبراء جامعة الدول العربية أو المكلفين بإعداد عدد من المشاريع لميثاق عربي لحقوق الإنسان على مختلف الإتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان، وبخاصة آليات هذه الإتفاقيات التي يمكن الإفتداء بها والعودة إليها...
تكمن إشكالية هذا الكتاب في عدة نقاط: 1-لطالما طرحتُ السؤال التالي: هل أطلع خبراء جامعة الدول العربية أو المكلفين بإعداد عدد من المشاريع لميثاق عربي لحقوق الإنسان على مختلف الإتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان، وبخاصة آليات هذه الإتفاقيات التي يمكن الإفتداء بها والعودة إليها بغرض إعداد هذه المشاريع، وتحضير آلية فعّالة لميثاق عربي يحمي حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في مختلف الدول الأعضاء في هذه الجامعة؟... وتكاد أن تكون قد تكونت عندي، وبعد الإطلاع على هذه المشاريع، قناعة شبة كاملة بأنه لم يتم الإستفادة، كما هو مفروض ومأمول، من تجارب المنظمات الإقليمية وجهودها في إعتماد إتفاقيات إقليمية لحماية حقوق الإنسان، وأن مركز الثقل في هذه الإتفاقيات والمتمثل في آلياتها لم يحظ لا بالإهتمام ولا بالمراجعة بشكل يسمح بأن تكون آليات مشاريع ميثاق عربي لحقوق الإنسان قريبة أو مشابهة لآليات الإتفاقيات الإقليمية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. 2-لم أجد مبرراً لتأخر جامعة الدول العربية بإعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان، لقد تم إعتماد النسخة الأولى من هذا الميثاق عام 1994، ولم تدخل إطلاقاً حيز النفاذ، وتم إعتماد النسخة الثانية عام 2004، والتي دخلت حيز النفاذ في عام 2008، في حين أن منظمة مجلس أوروبا اعتمدت الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 1950، ودخلت حيز النفاذ في عام 1953، واعتمدت منظمة الدول الأمريكية الإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في عام 1969، ودخلت حيز النفاذ في عام 1978، واعتمدت منظمة الوحدة الأفريقية (الإتحاد الأفريقي) الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في عام 1981، ودخل حيز النفاذ عام 1986، فما هي إذن أسباب هذا التأخر بإعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان، هذا من طرف. ولم يسهم، من طرف آخر، هذا التأخير أو أن يكون له مبرر، حسب رأيي المتواضع، في الرغبة من الإستفادة من هذه الإتفاقيات الإقليمية ونظام آلياتها والإقتباس منها، لم يستفيد خبراء الجامعة، من آليات الإتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان لصياغة آلية فعّالة وجدية للميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي دخل حيز النفاذ عام 2008. ولم تتم صياغة آلية هذا الميثاق العربي على شاكله الآليات الإقليمية الأخرى أو بشكل قريب منها، وبخاصة فيها يتعلق بنظام الهيئات التي أسستها هذه الآليات من لجان ومحاكم ومختلف إختصاصها، وما أصدرته لاحقاً من قرارات وأحكام، وما تكوّن من إجتهادات هامة في مجال حماية حقوق الإنسان منذ أن بدأت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان نشاطاتها عام 1953. 3- تتعلق النقطة الثالثة والأساسية في الإشكالية بآلية الميثاق العربي لحقوق الإنسان، فكان من الضروري البحث في تطوير هذه الآلية من خلال تطوير آلية لجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) مع مقارنتها بآليات اللجان الإقليمية لحقوق الإنسان، والإطلاع على مضمونها وكشف خصائصها ومميزاتها.