من المعروف أن للتصوف تعريفات عديدة، وأهمها جميعاً تعريف الجنيد البغدادي: "ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، ولكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات؛ لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله تعالى؛ وأصله العزوف عن الدنيا.هذا وقد كان هناك، وخلال العصور الإسلامية من...
من المعروف أن للتصوف تعريفات عديدة، وأهمها جميعاً تعريف الجنيد البغدادي: "ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، ولكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات؛ لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله تعالى؛ وأصله العزوف عن الدنيا. هذا وقد كان هناك، وخلال العصور الإسلامية من يعلن بأن التصوف كله باطل، وأن الصوفيين جماعة من الدجالين أو المنحرفين الزائفين الذين لا يربطهم بالإسلام أي رابط؛ بل إنهم أعداء للدين يجب محاربتهم والقضاء على دعوتهم. والواقع أن هذه اللفظة "الصوفية" أُطلقت على طائفة إسلامية، مثلها مثل بقية الطوائف الإسلامية، من القرّاء إلى المحدثين إلى المتكلمين إلى الفقهاء... فيهم المصيب والمخطئ، وفيهم الصالح والطالح، وفيهم المخلص والدجال، وفيهم الصادق والمحتال... ولقد عرف تاريخ التصوف ثلاث فئات: 1-جهلة لا يعرفون من التصوف إلا الطبل والزمر والرقص والكلام في الخرافات والأساطير، وإرتكاب الإنحرافات والضلالات، وإعتبارها من الدين، والدين منها براء، 2-صوفيه متفلسفون، خلطوا بين تعاليم التصوف السليم ومقاماته وأحواله المضبوطة وبين أرائهم الفلسفية، فأتوا بالغرائب والعجائب في الأقوال والسلوكيات والشطحيات التي أبعدتهم عن تعاليم الإسلام الحنيف؛ وهؤلاء هم قلّة قليلة، مرت عبر تاريخ التصوف الطويل، ومن ملايين الصوفية، 3-صوفية معتدلون، حاولوا الإلتزام بما ورد في كتاب الله تعالى، وبما جاءت به السنّة النبوية؛ وهؤلاء يشكلون الغالبية الساحقة من الصوفية، من أمثال: الجنيد البغدادي، والفضيل بن عياض ومعروف الكرخي وبشر بن الحارث وأبو سليمان الداراني وعبد القادر الجيلاني والغزالي وأحمد الرفاعي وأبو الحسن الشاذلي وابن عطاء السكندري وشاه نقشبند، و... وغيرهم من كبار الصوفيين؛ ومع ذلك فهؤلاء غير معصومين عن الخطأ والزلل، فهم بشر.