ولد القانون المالي عموماً والقانون الضريبي خصوصاً من رحم القانون الإداري . ونشأ وترعرع في حضنه . وتربى على أساس اعتماد قواعده كقواعتد له ، وهو ما يتأكد بحداثة القانون الضريبي التي ألقت بظلالها الثقيلة على الدراسات القانونية الضريبية وجعلتها حبيسة نظريات القانون الإداري ،...
ولد القانون المالي عموماً والقانون الضريبي خصوصاً من رحم القانون الإداري . ونشأ وترعرع في حضنه . وتربى على أساس اعتماد قواعده كقواعتد له ، وهو ما يتأكد بحداثة القانون الضريبي التي ألقت بظلالها الثقيلة على الدراسات القانونية الضريبية وجعلتها حبيسة نظريات القانون الإداري ، ما خلا بعض الدراسات التي حاولت أن تختط للقانون الضريبي نظريات تستقل عن الضريبية موضوعاً لها . إلا أنها في الغالب تناولت تلك النصوص من حيث الشرح والتوضيح من دون البحث عن تأصيلها القانوني والفلسفي ، وجمعها في نظريات قانونية ضريبية ، فكان أن خلا القانون الضريبي من النظريات العامة التي تجمع شتات مواضيعه ، وترجعها إلى أصل قانوني واحد ، فدفع ذلك الفقه القانوني الضريبي إلى التخلّي عن الهدف الأسمى ؛ ألا وهو وضع اللبنان لبناء صرح الفقه الضريبي المنشود ، فأصبح البحث عن نظريات جديدة ومستقلة للقانون الضريبي يقابَل بالتوجس والشك والريبة إلى درجة أضحى فيها كل جديد بدعة ومروقاً ومزايدة على الآخرين . إنطلاقاً من هذه الإشكالية يأتي هذا البحث الذي يتناول موضوع تجزئة القاعدة الضريبية في إيجاد حلول لمجموعة من التساؤلات منها ؛ ما هي القاعدة الضريبية : عناصرها ، محتواها ، أنواعها ، وأوجه اختلافها في القواعد القانونية الأخرى ، وعلاقتها بمبدأ سيادة القانون ، ومبدأ قانونية الضريبة ونتائجهما . وهل أن القاعدة الضريبية مثلاً مرت بأزمة ، فما سببها ، وطرق التخلص منها . ثم ما المقصود أصلاً بتجزئة القاعدة الضريبية ، وشروط هذه التجزئة ، وأنواعها ، وصورها ، وأشكالها ، ثم مدى توافقها مع نتائج مبدأ القانونية وخصائص القاعدة الضريبية . وما المقصود بالقاعدة الضريبية على بياض ، وما هي شروطها ، وأنواعها ، مصدرها ، وأشكالها ، ومدى توافقها مع نتائج مبدأ القانونية وخصائص القاعدة الضريبية . ثم ما هي النتائج المترتبة على ذلك ؟ وعليه ، فقد تم تحديد هذه الدراسة في تجزئة القاعدة الضريبية من حيث توزيع عناصرها بين نصّ قانوني ، وأي مصدر آخر من مصادر القانون بما يوصل الباحث إلى الفهم الأشمل للقاعدة الضريبية وأزمتها وكيفية تقسيم عناصرها بما يخدم أهداف القانون الضريبي وغاياته ، ويحقق المصلحة المعتبرة في فرض الضرائب ، والإعفاء منها وجبايتها . وبفرض حصر الدراسة ، كانت قوانين الضرائب العراقية ؛ سواء الخاصة بالضرائب المباشرة ، أم بالضرائب غير المباشرة هي محور هذه الدراسة . فالقوانين الضريبية العربية تختلف اختلافاً كبيراً عن القوانين العراقية ؛ مما يجعل المقارنة بها في مجال تجزئة القاعدة الضريبية صعباً جداً ؛ إن لم يكن مستحيلاً . أما بالنسبة للمنهجية التي اعتمدها الباحث ، فقد اعتمد المنهج الإستقرائي التحليلي التطبيقي للنصوص القانونية محور الدراسة ، عن طريق استقراء مضامينها وإرجاعها على أصولها القانونية والفلسفية ، والأخذ بنظر الإعتبار التحليل الفقهي لهذه النصوص ، ومدى توافقه مع الأصول المستقرأة ، والتطبيقات التشريعية والقضائية في مجال تجزئة قاعدة الضريبية ، ومحاولة وضعها بشكل نظرية عامة تنطبق على كل جزئياتها . هذا وقد تم تقسيم هذه الدراسة إلى خمسة فصول . تم تخصيص الأول منها للحديث عن القاعدة الضريبية من حيث المعنى ، والعناصر ، والمحتوى ، والخصائص ، والعلاقة بمبدأ قانونية الضريبة والنتائج المترتبة عليه وأساسه القانوني والفلسفي . أما الثاني فقد دار حول أزمة القاعدة الضريبية ، ابتداءً من جمودها ، مروراً بتجاهلها لدور السلطة التنفيذية في الشؤون الضريبية ، وانتهاءً بتعويضها للتناسب بين الضريبة والمقدرة التكليفية للمكلف . فيما تمحور الفصل الثالث حول تجزئة القاعدة الضريبية من حيث المدلول والإمكانية والأهمية . وحول القاعدة الضريبية على بياض من حين المدلول والأشكال ومدى التوافق مع نتائج مبدأ القانونية وخصائص القاعدة الضريبية جاء الفصل الرابع . وأخيراً تخصيص الفصل الخامس للحديث وبالتفصيل حول تكملة القاعدة الضريبية بالإستعانة بالمصادر غير المقننة فكان البدء بالمبادئ العامة للقانون الضريبي ، فالعرف ، فمبادئ الشريعة الإسلامية الغرّاء ، فمبادئ العدالة ، ثم أحكام القضاء ، وصولاً إلى الإنتهاء بخاتمة ، ضمت أهم الإستنتاجات التي توصل الباحث إليها وتوصياته المقترحة على المشرّع في هذا المجال .