تكتسب مسألة الحريات العامة وحقوق الإنسان أهمية إستثنائية في المجتمع الدولي المعاصر، فهي تمثل إحدى حلقات العمل والنشاط الأساسية، في المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، مثلما تثير إهتماماً ملحوظاً لدى المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال.وفضلاً عن ذلك، فإنها...
تكتسب مسألة الحريات العامة وحقوق الإنسان أهمية إستثنائية في المجتمع الدولي المعاصر، فهي تمثل إحدى حلقات العمل والنشاط الأساسية، في المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، مثلما تثير إهتماماً ملحوظاً لدى المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال. وفضلاً عن ذلك، فإنها أصبحت بنداً "شبه دائم" تقريباً على جدول أعمال مؤتمرات ولقاءات كبار القادة والمسؤولين في الدول العظمى والصناعية، الذين لا يتوانون عن طرحها، في شتى المناسبات، للتعبير عن إستيائهم من سياسة بلد ما لا يمتلك رؤيتهم نفسها على هذا الصعيد، أو لا ينصاع بالأحرى لشروطهم ومطالبهم السياسية. والغريب في الأمر، أن القوى الكبرى التي تعتبر نفسها مسؤولة عن أمن العالم وإستقراره لا تأخذ هذه التباينات بعين الإعتبار، بل تتصرف بما يتناقض كلياً ومفهوم الحرية نفسها التي يجب أن تسمح لكل إنسان بتقرير ما هو مناسب أو أجدى له. من هنا، تبرز حاجة المجتمع الدولي المعاصر إلى إعادة تحديد مفاهيمه القانونية، لأن الحريات العامة هي في الأساس قواعد قانونية، قبل أن تكون قواعد دينية أو أخلاقية، أي، وبقول آخر، أن هذه الحريات لا يمكن أن توجد إلا إذا قام القانون بتكريسها على أساس معايير جديدة تسمح للمجتمعات والأفراد بالحد الأدنى المطلوب من الإستقلال الذاتي الذي يؤمن لهم الحصول على حقوقهم وممارستها... فهل أفلحت القوانين الوطنية والدولية في القيام بهذا الدور المطلوب منها؟. هذا ما يحاول الكاتب إلقاء الضوء عليه في هذه الطبعة الجديدة.