دستور لبنان الحالي ولد أصلاً في 23 أيار 1926 في ظل الانتداب الفرنسي وهو مستوحى من الدستور الفرنسي لعام 1875 ومن الدستور البلجيكي لعام 1831 والدستور المصري لعام 1923 وقد عدل 12 مرة (منها خمس تعديلات استثنائية مؤقتة للمادة 49 والمادة 73 تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية والتجديد له) أما...
دستور لبنان الحالي ولد أصلاً في 23 أيار 1926 في ظل الانتداب الفرنسي وهو مستوحى من الدستور الفرنسي لعام 1875 ومن الدستور البلجيكي لعام 1831 والدستور المصري لعام 1923 وقد عدل 12 مرة (منها خمس تعديلات استثنائية مؤقتة للمادة 49 والمادة 73 تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية والتجديد له) أما التعديلات الدائمة فقد تمت كالآتي: التعديل الأول 17/10/1927 طال 51 مادة. التعديل الثاني 8/5/1929 طال 5 مواد. التعديل الثالث 18/5/1943 طال 4 مواد (البعض لا يعتبر هذا التعديل دستورياً لصدوره بموجب القرار رقم 129 تاريخ 18/3/1943). التعديل الرابع طال 9 مواد. التعديل الخامس 7/12/1912 طال المادة الخامسة فقط (العلم اللبناني). التعديل السادس 21/1/1947 طال 18 مادة. التعديل السابع 21/9/1990 طال 31 مادة (دستور الطائف). هذا الدستور الذي أصبحت مواده 91 مادة بدلاً من 102 كما صدر عام 1926. أصبح يعرف بعد التعديل الأخير بدستور الطائف المنبثق عن اتفاق مدينة الطائف عام 1989 مع الإشارة بأن التعديلات الأخيرة فرضتها تداعيات الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 15 سنة، هذه المواد المعدلة وغيرا ما زالت على حالها منذ 1990 لأن دستورنا يعتبر من فئة الدساتير الجامدة التي يصعب تعديلها إلا من خلال آليات دقيقة ومعقدة منصوص عنها في الدستور. لكن على ما يبدو أن هذا النص الأساسي الناظم للحياة القانونية والسياسية اللبنانية مغيب ومجهول من قبل شريحة واسعة جداً من المغيب ومجهول من قبل شريحة واسعة جداً من اللبنانيين حتى من الذين يتعاطون منهم القانون والسياسة. هذا أمر غير جائز لأن معرفة القواعد الدستورية من شأنها تحصين اللبنانيين وجعل كل فرد على بينة من حقوقه وواجباته مبعدة عن فكره عقدتي الغبن والخوف من التهميش، رغم أن العمومية التي يتصف بها النص الدستوري تجعله متقارباً بصورة غير متوقعة مع الشعر لأن قواعده تحمل في طياتها افتراضيات غير منتظرة وهي تحمل معاني كثيرة لم ينتبه لها المؤسس كما في القصائد النثرية التي بعد كتابتها ونشرها لا تعود إلى مؤلفها بل إلى القارئ الذي توقظ فيه تخيلات صورية وأصداء لا نهاية لها، وفق تعبير العلامة الفرنسي Ardant Philippe ولأن القواعد الدستورية تثير مثل هذه التخيلات في دول العالم قاطبة وليست مقتصرة على لبنان، ولأن المشكلة في لبنان لا تقتصر على هذا الحد بل تتجاوز ذلك إلى مشكلة مزمنة رأى فيها الدكتور أنطوان عازار منذ عام 1979 "بأن في الدستور اللبناني مستويين شرعيين يتساويين أحدهما ينظم الحياة السياسية على أسس الديمقراطية الغربية والآخر ينظمها بمقتضى ضرورة التعايش المشترك بين الطوائف". لهذا جاء هذا الكتيب الصغير بهدف وضع النص الدستوري الحالي بين أيدي كل اللبنانيين المثقفين للمساهمة في تعميق الثقافة الدستورية لدى اللبنانيين والمساعدة في توسيع الثقافة القانونية، لأنه من غير الجائز أن يكون الدستور مجهولاً من اللبنانيين لأن الدستور في النهاية هو خشبة الخلاص والتمسك بتطبيقه إنما يهدف إلى تحقيق السعادة للجميع (au bonheur de tous) على حد ما جاء في مقدمة إعلان حقوق الإنسان والمواطن عقب الثورة الفرنسية في 26/8/1789.