تعتبر مسألة الديون التجارية من أهم وأخطر المسائل التي تعترض التجار والمؤسسات والشركات التجارية، لا سيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتخوف من خطر تصفيتها أو إعلان إفلاسها.وتظهر خطورة تلك المشكلة في حالة تعامل المؤسسات التجارية مع عدد ضخم من العملاء، وعلى نطاق...
تعتبر مسألة الديون التجارية من أهم وأخطر المسائل التي تعترض التجار والمؤسسات والشركات التجارية، لا سيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتخوف من خطر تصفيتها أو إعلان إفلاسها. وتظهر خطورة تلك المشكلة في حالة تعامل المؤسسات التجارية مع عدد ضخم من العملاء، وعلى نطاق جغرافي واسع، سواء أكان ذلك على الصعيد المحلي الداخلي أم على الصعيد الدولي، مما قد ينذر بوقوع مخاطر ضياع قسم من الديون التي تترتب بذمة المدينين العملاء، أو ارتفاع كلفة تحصيلها. كما تظهر المشكلة من خلال تردد العديد من التجار والمؤسسات، في زيادة وتوسيع حجم إنتاجها وصادراتها إلى الأسواق الداخلية أو الخارجية، وذلك بسبب تخوفها من خطر عدم قدرتها على استيفاء الديون المترتبة لها على مدينيها، إضافة إلى تعرضها لخطر تجميد قسم مهم من رأس مالها لتلبية حاجات تصريف الإنتاج. ولم تستطع العقود والقوالب القانونية التقليدية، كالتأمين والرهن والاحتفاظ بالملكية، حل تلك المشكلة بشكل جذري. وكل فشل تلك الأنظمة التقليدية الدافع الأساسي وراء البحث عن تقنية اقتصادية قانونية تواجه تلك المشكلة أو بعض أوجهها. وكان عقد الفاكتورنغ أحد الابتكارات التي ساعدت على حل المشكلة المطروحة أو جزء مهم منها. إن الهدف الأساسي الذي كان وراء ابتكار نظام الفاكتورنغ هو حاجة المشاريع إلى السيولة النقدية اللازمة لتسيير نشاطاتهم أو توسيعها أو تطويرها، رغم امتلاكهم لديون مترتبة لهم بذمة ميدنيهم. وتلك الديون تكون إما غير مستحقة، وإما ديوناً مترتبة على مدينين يقيمون في بلد آخر، وتحتاج إلى وقت وإجراءات لتحصيلها. وتقوم فكرة عقد الفاكتورنغ، بشكل مبسط، على التزام الدائن بأن يقدم لمؤسسة الفاكتورنغ كافة فواتيره وديونه التجارية المترتبة له بذمة مدينيه، فتقوم هذه المؤسسة بانتقاء الفواتير والديون التي ترى إمكانية في تحصيلها أو عدم تعرضها كلياً لمخاطر عدم تسديد المدين، تبعاً لعدم مصداقيته، أو لضعف وضعه المالي والتجاري، أو عجزه كلياً أو جزئياً عن تسديد الدين بتاريخ استحاقه. وإذا وافقت مؤسسة الفاكتورنغ على كل أو بعض تلك الديون، تقوم بشرائها لقاء تعجيل قيمتها للدائن قبل تاريخ استحقاقها، مقابل نسبة معينة من تلك الديون، وحقها في الحلول محل الدائن تجاه مدينيه، وضمان عدم الرجوع على الدائن في حالة عدم التحصيل، إضافة إلى تقديم بعض الخدمات الإدارية والقانونية والمعلوماتية لمصلحة الدائن. ومن أجل توضيح هذا العقد الحديث النشأة، جاء هذا الكتاب مقدماً للمحة تاريخية حول عقد الفاكتورنغ ثم قام باستعراض المفهوم القانوني لهذا العقد بدءً بالشروط القانونية له ثم خصائصه وطبيعته القانونية وآثاره.