ما الغاية من وجود الدولة (السلطة) والقانون؟ سؤال محوري يطرح ذاته منذ تكوّن مفهوم الدولة الحديث مع نهاية القرن الثامن عشر، منذ ذلك التاريخ كان الجوانب البدهي ان الغاية من هذا الوجود هي حماية حقوق الإنسان وحرياته، سواء أكان من أفراد المجتمع العاديين او حتى من المتولين شؤون...
ما الغاية من وجود الدولة (السلطة) والقانون؟ سؤال محوري يطرح ذاته منذ تكوّن مفهوم الدولة الحديث مع نهاية القرن الثامن عشر، منذ ذلك التاريخ كان الجوانب البدهي ان الغاية من هذا الوجود هي حماية حقوق الإنسان وحرياته، سواء أكان من أفراد المجتمع العاديين او حتى من المتولين شؤون السلطة. وإذا كانت الدولة تُظهِر حياداً تاماً، عندما تكون تلك الحقوق والحريات مهددة من غيرها، إلاّ أن التجارب أثبتت أنها ليست هكذا، عندما تريد أن تحقق برامجها السياسية والإجتماعية والإقتصادية، لأنها تتوسل عندئذٍ القانون الذي تسنّه بما يتلاءم ومصالحها، ويخدم الطروحات التي تحقق غاياتها، مموهة بذلك أنها تطبق القانون. لهذا نعتقد أنه آن الأوان مع بداءة هذه الألفية الثالثة، لأن نخرج من الحلقة المفرغة التي امتدت على مسار قرنين من الزمن، والمتمثلة في أن الدولة (هي الخصم والحكم)، لنقوم بدراسات قانونية متّزنة تنير درب المواطن المثقف والعادي على حدٍّ سواء، وتهديه إلى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها دولة القانون. تأسيساً على هذه المعطيات، برزت أهمية هذا الكتاب الذي يتناول موضوعه "دور القضاء الدستوري في إرساء دولة القانون"، لأن هذا القاضي يسعى الدستوري، وهذا هو دوره الأساس، هذا على صعيد القانون المقارن، أما على صعيد لبنان فالغاية الأساسية من هذا الكتاب، ترمي إلى تفعيل النقاش القانوني الهادئ والمتزن، حول دور المجلس الدستوري اللبناني وحول ما يعول عليه وغاياته، من تصويب المسار التشريعي في لبنان، لكي نستطيع السير على درب دولة القانون، أسوة ببقية الديمقراطيات.