ينتهجُ المؤلفُ في هذا الكتاب نهجًا شموليًا نحو التعاطي مع الوثيقة، على أنها قطعة من حياة المجتمع الذي تمثله، فَينقلُ القارئ عبر الكلمات ليكون شاهدًا مباشرًا عليها ومُعايشًا لأحداثها، وذلك من خلال عرض السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي المحيط بها، حتى يمكن فهمها على الوجه الصحيح، واستنباط ما فيها من فوائد وعِـبَـر.
تلعبُ الوثيقةُ دورًا محوريًا في ذلك السياق، وتكشفُ عن ستارٍ فيه كان مغلقًا، فتُمكِّن القارئ من استلهام مضامينها ومدلولاتها، فهي إما أن تضيفَ معلومةً جديدةً، تُسهِّـل فهمنا للحدث، أو تُصحِّح مفهومًا خاطئًا، أو تُوضح ما كان غامضًا، يشمل ذلك الأبعاد الجغرافية، والسياسية، والاجتماعية، وما إلى ذلك. وفوق ذلك فإن التنوّع الجغرافي الذي توزَّعت عليه أحداث وثائق العتيقي، يجعلها بمنزلة محطات توقف، وعلامات استرشاد، من شأنها أن تُعيدَ صياغة التاريخ في المسار المحيط بها. يمتازُ الكتابُ بأنه عَرضَ، بالإضافة إلى الوثائق المُعنونة، عشرات المواد الوثائقية المُساندة من مخطوطاتٍ، وأشكالٍ وصورٍ توضيحية، وخرائط، على مدى أكثر من ثلاثمائة صفحة، تشمل فترة تاريخية تزيد على خمسة قرون، وتتوزّع على مساحةٍ جغرافيةٍ تشملُ سائر مناطق الجزيرة العربية وما جاورها من بُلدان، مما يُثري الحصيلة المعرفية للمكتبة العربية، وخاصة للمهتمين بتاريخ بلدان نَجد، والكويت، والأحساء، وجنوب العراق.