-
/ عربي / USD
"لن نفهم ألغاز المدن دون نسائها، إناثها وبناتها الصامدات من الأطوار الأخيرة للثقافات القديمة المنهارة أمام سطوة اليهودي، فالمسيحي، فالإسلامي، رغم التدين الذي يميز أهل حماة لكن نساءها وفيّات سرّاً، من دون أن يدركن، لجدتهن الأولى: الإلهة السورية عناة، لا يقتلن الحيّات التي تقطن بيوتهن، وفي الأول من تموز لا يأكلن الدقيق المطحون، كل امرأة هي بذرة لعناة التي لا تموت".
بلغة أدبية سلسلة، وحس تسجيلي رفيع المستوى تسنده ذاكرة متقدة، لا تنقصه بلاغة، ولا يخلو من شاعرية أنثوية، تغامر الروائية لينا الهويان الحسن في تدوين يوميات رحلة إلى مطارح الطفولة وملاعبها في الشمال الشرقي لسوريا المعذبة بالإحتلالات وقد تقاطر عليها الغزاة من كل صقع وأرومة ولون، وسكنت بيوت أهلها هواجس الموت، رحلة إلى عالم البراءة القصوى، والجمال الطبيعي، وسفر في أساطير المكان وأوابده وتواريخه ذات الثراء العابر للأزمنة.
طواف على الأمكنة من خلال ما يروح في عوالم النسوة السوريات، عبر مضارب البدو من أساطير تتناقلها النسوة عن قوة حضور السحر في كائنات تلك البقاع من أرض الشام التي تتداخل فيها عبر الأزمنة عناصر أرامية ويونانية ورمانية وعربية "من يزيّن مرأته بالودع فهو على أرض تحكمها بنت شمهورش، بينما على بعد كيلومتر واحد شمالاً من هنا، لا يجرؤ أحد على مس الودع، لأنه من ألعاب هند بنت الملك الأحمر عرّافة الجن، ولا تسمح لأحد بالعبث بالودع، تقول الخرافة: إننا تجرّد المرايا من ذاكرتها عندما نحيطها بالودع، فالمرايا ترى أسرارنا وأفعالنا وتسمع أقوالنا وتبصر لذواتنا، ولكي تحفظ الأسرار لا بد من سجنها بالودع، هذه الأصناف الصغيرة حارسات صامتات للأسرار".
يوميات رحلة في بادية حماة الواقعة في القلب من الجغرافية السورية، وطواف في أرواح المكان وثقافاته الثرة، وقد استحقت الكاتبة عنها بامتياز جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد