-
/ عربي / USD
انطلقت بنية الرواية الموضوعاتيّة من فكرة أن الموجود البشري هو حقيقة منفتحة على العالم المادي، وليس حقيقة منفتحة على الميتافيزيقيا والماورائيَّات؛ وهي حقيقة تُعبّر عن مدى الصِدَام الإنساني بين حداثةٍ قدَّستْ العقل (اللوغوس)، وما بعد حداثةٍ أعادتْ العلاقة ونظمتها مع (الميتوس).
فالإنسان في هذه المرحلة عبارة عن عدم موجود يُهيمن عليه كم من الأوهام الثاوية في المعنى الوجداني المنطوي على نفسه في مظاهر العالم المادي، هذا المعنى الهش والمفرغ من الإستماع لـ (صوت الرب)، والعاجز عن الوصول إلى قناة تواصل مع الذات الإلهية.
لقد جاءت هذه الرواية لتُعري وتُفكك أشكال انحطاط الإنسان، وتفضح انشطار ذاته، وتُمزق الحُجبَ عن (بُوهيميا) روحه؛ عبر استحضار النسقيات المُضمرة للنصوص الغائبة، وسرديَّات مُهمَّشة تُنبّهه إلى سر الخلود الحقيقي بطريقة غير مباشرة، فالإنسان حين فقد كينونته الوجدانيَّة وجوهرانيتها الواقعيَّة، فقد وجوده الأصيل، والكينونة في هذه الرواية هي شيئية الإنسان، وموضوعية الوعي، واجتماع الشيئية والموضوعية يسهم بإيجاد الجوهرانية، وهي الخيط الانطولوجي الذي يساعد في تعيين الكائن، وعلاقته بكل ما حوله.
عبَّرت رواية (بُوهيميا) عن شوق الروح للتطهر من خطيئة لم تقترفها، ورغبة في التعالي عن شهوات المادة، ونبذ حطام الذات بفعل أرشيفات الزمان وتراكماتها، هي محاولة جادة للإرتقاء بسلم الصفاء الروحي، والتسامي في مراتب الكمال، وقد ارتبطت الأنثى في الخطاب الروائي بالعشق الإلهي الذي نأى بالحب عن المحسوسات المادية، وتعالى به للترقي والسمو إلى مرحلة الإطلاق السرمدي، فكانت المرأة قناة الوصل بين واقعانية زائلة، ووجودانية مزيفة، ويوتوبيا مرجوة، وكان صوتها صرخة الحقيقة الكامنة في ميتافيزيقيا الغياب، الأنثى في هذه الرواية رمز للتأنيث الذي هو أحد أهم المعاني العرفانيَّة في العشق الإلهي، ولا مُسْتَرَابَ في القول إن المرأة ليست شيطاناً ولا رمزاً للخطيئة كما هو شائع في ميثولوجيا الفحولة، إنها جزء من كينونة العالم والوجود.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد