-
/ عربي / USD
على الرغم من أننا نميل، فيما يخص تاريخ العود، إلى البحث العلمي الدقيق الذي يستند إلى الحقائق التاريخية الملموسة القائمة على المكتشفات واللُّقى الأثرية، كالرُّقم الطينيّة والمخطوطات، وننحو إلى الاسترشاد بمناهج البحث الحديثة التي تأخذ في الاعتبار أن الحقائق التي توصل إليها من سبقنا تبقى قائمة حتى يَظهر ما يدحضها من أدلة تجلبها مكتشفات وجهود بحثية جديدة، إلّا أننا وجدنا أن لا ضيرَ من المرور أيضًا عند تناول هذه الآلة، التي هي من أهم الآلات الموسيقية المثيرة للجدل، على الروايات التاريخية والقصص المحكية التي كان يتناولها الناس في الموروث الشعبي إلى وقتٍ قريب، وقد بلغ بعضها حدّ الأسطورة، وذلك لتقريب تاريخ هذه الآلة المحببة إلى القلوب أكثر وتقديم صورةٍ بسيطةٍ لها بعيدًا عن تعقيدات البحث في أغوار الكتب والمخطوطات.
منذ عصور ما قبل الميلاد، سحَر العود، وما زال حتى يومنا هذا يَسحَر الكثير من الناس؛ يُطربُ أسماعهم، ويُثير أشجانهم، يصاحبهم في أفراحهم ولا يفارقهم في أحزانهم، يسري صوته في شرايينهم وتُسمع «دقّاتُ» أوتاره في قلوبهم؛ وهو على هذا الحال حتى غدا رفيقًا مؤنسًا لوحشتهم، وصار ترويحًا لا غنى عنه لنفوسهم إذا تكاثرت عليها الهموم.
من هنا، ومن باب الاعتزاز والأهمية، حاول الكثير من الأقوام والشعوب؛ من أذربيجان حتى المغرب وإسبانيا، مرورًا ببلاد الإغريق، أن يَنسبَ هذه الآلة كلٌّ له أو يَعدَّها من العلامات الفارقة في حضارته، فقد جاء في أساطير القدماء مثلًا أن الإسكندرَ ذا القرنين كان يستمع إلى العود إذا وجد في نفسه ما يُعكّر مزاجه من انقباض، حيث يأمر تلميذه أن يعزف له، فيزول عنه، بعد ذاك، ما كان يشعر به.
وفي اختراع العود أقوالٌ وأساطيرُ كثيرةٌ اختلف فيها المؤرخون حتى تباعدت آراؤهم وتباينت استدلالاتهم، فمنهم من قال: إن أول مخترع للعود هو لمك بن متوشلخ بن أخنون بن يرد بن مهليل بن قينن ابن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد